عرض مبهر للسعودية ”الفزاعات” صيف فوق العادة في مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي

شهد المسرح الكبير في قصر ثقافة الأنفوشي بالإسكندرية في العاشرة من مساء أمس ، العرض المسرحي " الفزاعات " من السعودية ، والمشارك في الدورة ال 15 من مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي ( مسرح بلا إنتاج )، والتي تحمل اسم النجم محمد هنيدي، وتقام الفعاليات في الفترة من 15 إلى 20 سبتمبر الجاري، ويُقام المهرجان تحت رعاية وزارة الثقافة ووزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، وتحت قيادة الفنان إبراهيم الفرن رئيس المهرجان، الدكتور جمال ياقوت المؤسس والرئيس الشرفي للمهرجان، والفنان إسلام وسوف مدير المهرجان.
يتناول العرض القصة الأزلية لقابيل وهابيل، مقدمةً إياها في قالب رمزي يطرح تساؤلات حول طبيعة الخطيئة الأولى ومصير الإنسانية، ويُرفع الستار عن مشهد جنائزي مهيب، حيث يرقد قابيل مُكفّنًا، وسط نظرات يملؤها الترقب والريبة من المحيطين به. وفي لحظة درامية فارقة، ينهض قابيل من موته المفترض، ليتجه بنظره مباشرة إلى فزاعة صامتة تقف في المكان، وكأنها حاميته التي تبعد عنه غراب العار وصوت ذنبه الذي يلاحقه، سرعان ما يتحول المشهد إلى ساحة مساءلة، حيث تتصاعد حدة الحوارات وتلتف شخصيات رمزية تمثل ضمير الإنسانية — كالأرملة الثكلى، والشاب المفعم بالحياة، وحواء الأم الأولى، وشخصية “نوفل” الغامضة حول قابيل ولا يطالب هؤلاء بالقصاص لدم هابيل المسفوك فحسب، بل يحاكمونه على الجريمة الأعظم، وهي كونه أول من سنّ سُنّة القتل وفتح على البشرية باب الحروب والخسائر الفادحة التي تدمي قلوب الأمهات وتُطفئ بهجة الحياة في عيون الزوجات.
تبلغ الدراما ذروتها حين تدب الحياة في الفزاعة، فتتحرك لتتولى الدفاع عن قابيل، توجه سؤالها المحوري إلى محاكميه: “لماذا قتل أخاه في رأيكم؟”، وعندما يأتي الجواب متوقعًا بأنه “الحقد والغيرة”، تقدم الفزاعة تفسيرًا أكثر عمقًا، مؤكدة بحزم أن “الحيرة” هي الدافع الحقيقي وراء تلك الفعلة الشنيعة؛ حيرة تولد مع الإنسان وتنمو مع الزمن لتصنع القسوة والهم، ولكن صوت الحكمة الإنسانية، ممثلًا في الأرملة، يقاطع هذا الدفاع الفلسفي، ليؤكد أن النجاة من تلك الحيرة القاتلة لا تكون إلا بمحبة الناس والحياة، أما من يسقط في بئر الخطيئة، فلا مصير له سوى العار الأبدي، وبهذا الجدال المفتوح بين مفهومي “الحيرة” كمبرر و”الحب” كسبيل للنجاة، يترك العرض المسرحي جمهوره أمام سؤال وجودي مفتوح، متأملًا في جذور الشر وصراع الإنسان الأبدي بين الخطيئة والخلاص.
يضم فريق عمل العرض المخرج صبحى يوسف، المؤلف دكتور صالح زمانان، مساعد مخرج احمد سليمان، والممثلين قابيل : عبد العزيز يتيمي، الفزاعة : نورا الدخيل، نوفل : عبدالرحمن ابا الخير، الارملة: دينا العنزي، حواء : هتون الثبيتي، الشاب : مشارى الصقعبي، موسيقى والحان: حارم شاهين، إضاءة وسينوغرافيا: احمد طارق، ملابس: ابتهال الغريب و برودكشن : سهيل العمري.
يشارك في المهرجان هذا العام 17 عرض مسرحي، بواقع 4 عروض مصرية، و 13 عرض من خارج مصر من 12 دولة غربية وعربية، ويقدم المهرجان 6 ورش مميزة ومتنوعة يقدمها مجموعة من الفنانين والمدربين أصحاب الخبرة الكبيرة، وتضم لجنة تحكيم المهرجان هذا العام عدد من الشخصيات الفنية والعالمية البارزة في عالم الفن وهم المخرجة والممثلة الأمريكية " مونيكا هنكن " رئيس لجنة التحكيم وعضوية كلا من المخرج والفنان المصري تامر كرم، الفنان المصري إبراهيم السمان، الممثل والمخرج الفلسطيني، إيهاب زاهده، المخرج والسينوغراف الكويتي نصار النصار والفنانة المصرية نادت عادل مقرر لجنة التحكيم.