النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

بعد تهديد نتنياهو بملاحقة قادة حماس في الخارج : هل المواجهة القادمة مع تركيا؟

العلاقات التركية الإسرائيلية تمر بتشابك معقد
أحمد مرعي -

أثار تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أكد فيه أن إسرائيل ستلاحق قادة حركة حماس "أينما وجدوا"، جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، خصوصًا بعد الضربة الجوية التي استهدفت قيادات للحركة في الدوحة الأسبوع الماضي. التصريحات فتحت باب التساؤلات حول ما إذا كانت تركيا، التي تستضيف شخصيات سياسية من حماس وتعلن دعمها العلني للقضية الفلسطينية، قد تكون الهدف القادم في الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة.

تركيا في دائرة التهديد

تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان تُعد من أبرز الدول الداعمة للفلسطينيين، وغالبًا ما يتبنى أردوغان خطابًا حادًا ضد السياسات الإسرائيلية. وقد عبّرت أنقرة أكثر من مرة عن رفضها لأي انتهاك لسيادة الدول تحت ذريعة "ملاحقة الإرهاب". لكن في المقابل، لا يُنكر أن تركيا تحتضن شخصيات قيادية من حماس في مستوياتها السياسية، وهو ما يجعلها نظريًا في مرمى التهديدات الإسرائيلية.

يرى محللون أن المواجهة المباشرة بين إسرائيل وتركيا تبقى سيناريو صعبًا، نظرًا للتداعيات الدبلوماسية والعسكرية الواسعة التي قد تترتب عليه. بينما أشار الدكتور أحمد رفيق عوض، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إلى أن تنفيذ ضربة داخل الأراضي التركية سيكون بمثابة إعلان حرب، وهو أمر تدرك إسرائيل أنه سيفتح عليها أبواب مواجهة مع عضو في حلف الناتو، إضافة إلى موجة إدانات دولية لا تحتملها في هذه المرحلة.

كما أكد على أن "أنقرة" تراقب التصريحات الإسرائيلية بجدية، لكنها تدرك أن تل أبيب غالبًا تستخدم لغة التهديد لرفع سقف الضغط السياسي أكثر من نيتها الفعلية لتنفيذ عمليات داخل تركيا.

معطيات معقدة

العلاقات التركية الإسرائيلية تمر بتشابك معقد ؛ فبينما يتصاعد التوتر السياسي والإعلامي بين الجانبين، لا تزال هناك علاقات اقتصادية وتجارية قائمة يصعب التخلي عنها بشكل كامل. هذا التوازن يجعل أنقرة حذرة في خطواتها، لكنها في الوقت نفسه تضع خطوطًا حمراء لا تسمح بتجاوزها، على رأسها احترام سيادتها.

أما بالنسبة لإسرائيل، فإن أي عملية عسكرية ضد أهداف داخل تركيا ستعني اختبارًا غير مسبوق لقدرتها على مواجهة تداعيات دولية، خاصة أن الضربة الأخيرة في قطر أثارت موجة غضب إقليمي ودولي، وزادت من عزلتها السياسية.

برأي الخبراء، مواجهة عسكرية مفتوحة بين إسرائيل وتركيا تبقى مستبعدة في المدى القريب، لكن التوتر السياسي سيظل حاضرًا بقوة. التهديدات الإسرائيلية قد تتحول إلى ورقة ضغط سياسي أكثر من كونها خطة عمل ميداني، فيما ستعمل تركيا على استثمار هذه التصريحات لتعزيز موقعها كمدافع رئيسي عن القضية الفلسطينية.

في النهاية، يظل المشهد مفتوحًا على احتمالات عدة، لكن المؤكد أن المنطقة مقبلة على مزيد من التوترات مع استمرار سياسة إسرائيل في نقل صراعها مع حماس إلى أراضي دول أخرى.