فى ذكراه.. ما الذي جعل الإمام يجهش بالبكاء أثناء صلاة الجنازة على حسين الشربيني؟

في مثل هذا اليوم، الخامس عشر من سبتمبر عام 2007، رحل الفنان الكبير حسين الشربيني، أحد أبرز الوجوه التي تركت بصمة واضحة في تاريخ الفن المصري، رغم تخصصه في أدوار الشر التي أداها بإتقان شديد لكن خلف تلك الأدوار القاسية، كان هناك إنسان شديد الرقة، ظهرت حقيقته في اللحظات الأخيرة من حياته، وأبكت من حوله حتى إمام المسجد الذي صلى عليه الجنازة.
فنان بأكثر من 400 عمل.. ونهاية إنسانية خاشعة
برصيد تجاوز 400 عمل فني، تنقل الشربيني بين السينما والتليفزيون والمسرح، ونجح في كسب محبة الجمهور، رغم أنه غالبًا ما أدى أدوار المخادع أو الشرير لكن حياته الشخصية، وبالذات في سنواته الأخيرة، كشفت عن جانب مختلف تمامًا.
فقد كان الشربيني يعاني من مرض السكري، ومع مرور الوقت بدأت حالته الصحية في التدهور. وفي أحد الأيام، وأثناء وضوئه داخل المسجد، تعرّض للسقوط، مما أدى إلى كسر في مفصل قدمه اليسرى. بعد ذلك خضع لعدة عمليات جراحية، كشفت إحداها عن إصابته بجلطة في مراكز الاتزان بالمخ، الأمر الذي أفقده القدرة على المشي.
عند هذه النقطة، قرر الشربيني الانسحاب من الوسط الفني والتفرغ لحياته الروحية، حيث كرّس وقته للعبادة برفقة زوجته وابنتيه.
الوداع الأخير على مائدة الرحمن
في يوم وفاته، الذي وافق 14 سبتمبر 2007، كان حسين الشربيني جالسًا مع أسرته على مائدة الإفطار خلال شهر رمضان الكريم، منتظرًا أذان المغرب. فجأة، ودون مقدمات، توقّف قلبه وأسلم روحه في هدوء تام، وكأنه كان على موعد مع الخلود في أحد أكثر الشهور بركة.
وفي اليوم التالي، تم نقل جثمانه إلى مسجد رابعة العدوية، وهو نفس المسجد الذي كان يجلس فيه قبل وفاته بساعات، يقرأ القرآن ودموعه تتساقط بخشوع.
دموع الإمام.. مشهد لا يُنسى
عند صلاة الجنازة، تقدّم الإمام ليؤمّ المصلين، لكنه قبل أن يبدأ، لم يستطع أن يحبس دموعه، وقرر أن يُخبر الناس بما شاهده من الفنان الراحل قبل وفاته بيوم واحد فقط.
قال الإمام بصوت متهدج أمام الحاضرين: "أيها الأحبة من أمة محمد، دعوني أخبركم أن هذا الرجل الذي نحمل نعشه اليوم، كان يجلس هنا أمس بعد صلاة العصر يقرأ القرآن ودموعه تنهمر بشدة. واليوم، بعد 24 ساعة فقط، جاء إلينا لا ليقرأ، ولا لتدمع عيناه، بل لنُصلي عليه ونقرأ نحن القرآن لروحه الطاهرة."
لم يتمالك المصلون أنفسهم، وتحول الموقف إلى مشهد إيماني نادر، اختلطت فيه مشاعر الفقد بالإجلال، والوداع بالتأمل في تقلبات الحياة ونهايتها.
فنان في حياته.. وخاشع في وداعه
رحل حسين الشربيني عن عالمنا، لكن ذكراه لا تزال حاضرة في قلوب محبيه، ليس فقط كفنان موهوب، بل كإنسان صالح عاش سنواته الأخيرة في عبادة وتواضع وتبقى جنازته، ودموع الإمام، واحدة من أكثر لحظات الوداع صدقًا وتأثيرًا في الوسط الفني.