النهار
جريدة النهار المصرية

المحافظات

الهجوم الإسرائيلي على قطر.. شوكة التحالف الخاص بين واشنطن والدوحة

رئيس الوزراء الإسرائيلي
كريم عزيز -

لم يقتصر الهجوم الإسرائيلي على الدوحة على كونه حادثًا عسكريًا محدودًا، بل حمل في طياته تداعيات إقليمية ودولية عميقة قد تعيد صياغة خريطة التحالفات وأدوار القوى في الشرق الأوسط، وفق تحليل الدكتور محمد إبراهيم، المحلل السياسي، فعلى المستوى الإقليمي، بدا أن قدرة قطر على الاستمرار كوسيط محايد باتت موضع شك، إذ تحوّلت استضافة قادة حماس من مصدر قوة دبلوماسية إلى عبء أمني مباشر، وبينما كانت الدوحة تراهن على هذا الدور لتعزيز مكانتها كعاصمة للحوار والوساطة، جاء الهجوم ليقوّض حيادها، وليثير شكوكًا لدى الأطراف المتصارعة حول قدرتها على حماية قنوات التفاوض أو ضمان أمن من تستضيفهم.

أكد «إبراهيم» في تحليله، أن الهجوم أدخل العملية العلاقات القطرية–الإسرائيلية في طور جديد من التوتر، وربما في دائرة القطيعة غير المعلنة، موضحاً أن إسرائيل لم تكتف بتوجيه رسالة إلى حماس، بل أرادت أيضًا تحذير قطر من أن استضافتها لقيادات الحركة لم يعد أمرًا مقبولًا، لافتاً إلى أن هذا الموقف يضع الدوحة أمام معضلة استراتيجية: إما أن تستمر في رعايتها لحماس مع ما يحمله ذلك من مخاطر أمنية متزايدة، أو أن تعيد النظر في هذا الدور بما قد يضعف صورتها كوسيط إقليمي فاعل. وفي كلتا الحالتين، فإن خيارات قطر باتت أصعب وأكثر تكلفة.

أما على المستوى الأمريكي، فقد كشفت العملية عن حدود التحالف الخاص بين واشنطن والدوحة، بحسب الدكتور محمد إبراهيم، فعلى الرغم من استضافة قطر لقاعدة العديد، التي تعد ركيزة أساسية للوجود العسكري الأميركي في المنطقة، فإن الولايات المتحدة لم تمنع الهجوم، بل يُرجّح أنها غضّت الطرف عنه أو وفّرت له غطاءً سياسيًا ضمنيًا، مؤكداً أن هذا السلوك يعكس حقيقة أن تحالف الدوحة مع واشنطن لا يمنحها حماية مطلقة، وأن أولويات الولايات المتحدة ستظل مرتبطة بأمن إسرائيل حتى لو جاء ذلك على حساب أمن حلفائها الآخرين. وهو ما يدفع قطر إلى إعادة التفكير في اعتمادها شبه الكامل على المظلة الأميركية، والبحث عن بدائل استراتيجية مع قوى أخرى لتعزيز توازنها الأمني.

على الصعيد الأوسع، نوه المحلل السياسي، أن الهجوم فتح الباب أمام إعادة تقييم النظام الإقليمي برمته، فانتقال الصراع مع إسرائيل إلى قلب الخليج يعني أن منطقة طالما عُدت خارج مسرح المواجهة المباشرة قد أصبحت جزءًا من دائرة الصراع. وهذا التحول ستكون له انعكاسات على باقي دول الخليج، إذ سيجعلها أكثر حذرًا في التعامل مع تل أبيب. في الوقت ذاته، قد يدفع الحادث قوى إقليمية مثل إيران وتركيا إلى استثمار الموقف لتعزيز نفوذها، من خلال تقديم نفسها كحليف محتمل للدول التي تشعر بتهديد مباشر من السياسات الإسرائيلية المدعومة أمريكيًا.

دوليًا، عكس الحدث هشاشة النظام الدولي في حماية سيادة الدول، بحسب «إبراهيم»، موضحاً أن المجتمع الدولي اكتفى ببيانات إدانة شكلية لم تُترجم إلى آليات عملية، ما يثير تساؤلات حول جدوى المؤسسات متعددة الأطراف في مواجهة خروقات تهدد الأمن والاستقرار. بذلك، لم يكن الهجوم اختبارًا لإرادة قطر فحسب، بل أيضًا لاختبار قدرة النظام الدولي بأسره على التعامل مع وقائع جديدة تتحدى قواعد السيادة التقليدية.

واختتم تحليله: «يمكن القول إن التداعيات الإقليمية والدولية للهجوم الإسرائيلي على الدوحة تتجاوز حدود الواقعة ذاتها، لتفتح الباب أمام تحولات استراتيجية أوسع قد تعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة. وبينما قد ينجح الحدث في فرض معادلات جديدة على قطر، فإنه في الوقت نفسه يهدد بفتح مرحلة من التوترات الممتدة التي قد تغيّر شكل النظام الإقليمي بأكمله».