تداعيات آلية الزناد على مستقبل التفاوض النووي

كشفت الدكتورة شيماء المرسي، مديرة وحدة الرصد والترجمة بالمنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية «أفايب»، تداعيات آلية الزناد على مستقبل التفاوض النووي، موضحة أن تفعيل آلية الزناد واقتراب انتهاء المهلة المقررة لعودة عقوبات مجلس الأمن، المتمثلة في حظر بيع السلاح والقيود المتعلقة بالصواريخ الباليستية، وتمرير العقوبات المالية إلى التنفيذ، سيشكل أقسى ضربة للبرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين. ومع ذلك فإن التأثير الرمزي والنفسي لإدانة صادرة عن الأمم المتحدة قد يفوق الأثر المادي للعقوبات، خاصة أن تنفيذ العقوبات سابقًا كان متباينًا، حيث سمحت الولايات المتحدة باستمرار تصدير 1,5 مليون برميل يوميًا من النفط الإيراني إلى الصين، واستمرار صادرات الكهرباء إلى العراق، دون اتخاذ إجراءات صارمة.
وذكرت «المرسي» في تحليل لها، أن هذا السجل يخلق شكوكًا كبيرة حول مدى فعالية ضغوط أوروبا عبر آلية الزناد، فقد أصبحت إيران أكثر خبرة في الالتفاف على العقوبات بالاعتماد على الصين كمشتري رئيسي، وعلى قنوات مالية بديلة، إضافة إلى التجارة الإقليمية. وبالتالي، فإن تأثير الآلية سيتوقف بدرجة كبيرة على قدرة أوروبا والولايات المتحدة في تنفيذ العقوبات بشكل صارم ومنسق.
وأوضحت الدكتورة شيماء المرسي، أن رسم خريطة طريق تدريجية يعد المسار الضيق الوحيد. فبدلاً من المطالبة بالشفافية الكاملة والوصول الفوري إلى المنشآت، وهو ما ترفضه طهران سياسيًا، يمكن لأوروبا أن تقترح خطوات تدريجية. وفق هذا النهج، تعمل الترويكا الأوروبية داخل مجلس الأمن بالتنسيق مع واشنطن لكسب الوقت، بينما تقوم إيران بخطوات محدودة وقابلة للتراجع، مثل إعادة بعض أشكال الرقابة الجزئية للوكالة الدولية للطاقة الذرية. أما قضية مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 60% فتُرحل إلى مراحل لاحقة، بما يتيح للطرفين الاحتفاظ بأوراق الضغط، ويأخذ في الاعتبار حسابات طهران بشأن استحالة التنفيذ الفوري.
ونوهت إلى أن هذه الخطة التدريجية تعكس التحديات الأساسية المتعلقة بالعقوبات، أي الموازنة بين مطلب إيران بالحصول على ضمانات أمريكية، واحتياجات أوروبا للتحقق من قدرة إيران النووية، وحدود قوة العقوبات في إطار آلية الزناد. وبدون هذا الحل الوسط، فإن النتيجة المرجحة ستكون مزيدًا من التصعيد، بحيث تدفع العقوبات إيران إلى الانسحاب من معاهدةNPT.
وأشارت إلى أنه يمكن القول إن تنفيذ الترويكا الأوروبية للعقوبات قد يقابله خروج إيران من معاهدةNPT أو التمادي في زيادة مقدار اليورانيوم المخصب بنسبة 60% إلى مستوى يتجاوز إنتاج أكثر من عشر قنابل نووية، كما سبق وأعلنت الوكالة الدولية مؤخرًا، لتصبح بذلك ورقة ردع. وهذا بلا شك سيمثل اختبارًا لأوروبا في تحويل أدواتها القانونية إلى أدوات ضغط فعلية، خصوصًا وأن نجاح هذا المسار لن يتوقف فقط على تفعيل آلية سناب باك، بل أيضًا على تنفيذها بموثوقية وبالتنسيق مع واشنطن، مع تجاوز المعضلات الجيوسياسية وإدارة تحديات طهران. ومع ذلك، لا يمكن إغفال حذر إيران، إذ أن أي تمادي في تطوير برنامجها النووي قد يواجه ردعًا عسكريًا إسرائيليًا أمريكيًا، ولهذا قد تتعمد إيران المماطلة في التفاوض، مستغلة رغبة الوكالة في السير بالمسار الدبلوماسي حتى تنقضي قانونية آلية الزناد أحادية الجانب.