النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

أبعاد دور الوساطة المصرية في البرنامج النووي بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية

علم إيران
كريم عزيز -

كشفت الدكتورة شيماء المرسي، الخبيرة في الشأن النووي، أبعاد دور الوساطة المصرية في البرنامج النووي بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، موضحة أن انخراط مصر في الملف النووي الإيراني يُعد سابقة خلال العقود الأربعة الأخيرة، وقد تصاعدت هذه الجهود منذ يونيو 2025، بالتزامن مع الزيارة المتزامنة لغروسي وعراقجي إلى القاهرة، حيث جرت مباحثات حول آخر مستجدات البرنامج النووي الإيراني، وفي 9 سبتمبر 2025، استقبل وزير الخارجية المصري نظيره الإيراني عباس عراقجي، مؤكدًا أن إيران تعاملت بمسؤولية تجاه برنامجها النووي، وأن مصر مستعدة لدفع العلاقة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الأمام.

وأكدت «المرسي»، في تصريحات خاصة لـ «النهار» أن مصر تسعى إلى الحيلولة دون اندلاع حرب إقليمية جديدة قد تترك تداعيات سلبية على أمن واقتصاد المنطقة. ولهذا توظف القاهرة علاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف لتفعيل القنوات الدبلوماسية. وتأتي هذه التحركات بلا شك ضمن هدف أوسع يشمل منع التصعيد العسكري مع إسرائيل، ودعم الاستقرار الإقليمي، والسعي نحو تحقيق وقف إطلاق نار في غزة والمساهمة في إعادة إعمارها، إضافة إلى الدفع باتجاه إقامة شرق أوسط خالٍ من السلاح النووي.

وأوضحت الدكتورة شيماء المرسي، أنه يمكن الربط بين الوساطة المصرية لحل تعقيدات البرنامج النووي أو حتى التقارب الحذر كونه لا يجنب إيران مواجهة جديدة أو يعزز استقرار المنطقة، بل لأنه سيدعم أيضًا المكاسب الاقتصادية لمصر، مثل زيادة التبادل السياحي وعقود النفط طويلة الأجل مع طهران. كما أن استعادة الاستقرار الإقليمي من شأنه أن يضمن عودة حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها بعد الاضطرابات الإقليمية الأخيرة.

وأشارت إلى أن التحولات الجارية في إدارة الملف النووي الإيراني ليست مجرد خطوة إجرائية، بل تعكس إدراك طهران لمرحلة جديدة فرضتها نتائج الحرب مع إسرائيل وضغوط واشنطن. في المقابل، تسعى القاهرة نحو تعزيز مكانتها كوسيط إقليمي قادر على تحقيق التوازن وسط لعبة معقدة تتشابك فيها الحسابات النووية والأمنية والجيوسياسية، لكن يبقى مستقبل التفاوض مرهونًا بقدرة الأطراف على تجاوز الألغام الكبرى: من تهديد الأوروبيين بإعادة فرض العقوبات، إلى خلاف واشنطن وطهران حول جوهر التخصيب.

وذكرت أن إيران تتمسك بحقها في البرنامج النووي السلمي، تتوجس الولايات المتحدة من اقترابها من العتبة النووية، في وقت تخشى فيه القاهرة من أن تؤدي مساعي إسرائيل لإفشال المسار الدبلوماسي الإقليمي إلى إجهاض فرص التهدئة. وهكذا، فإن غياب الحلول المبتكرة القادرة على كسر حالة الاستعصاء قد يدفع الشرق الأوسط إلى طريق مسدود جديد، عنوانه التصعيد لا التهدئة.