النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

كيف جسدت ضربة إسرائيل لقطر سياسة نتنياهو على حساب المحتجزين؟

نتنياهو
كريم عزيز -

شكل الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف قادة حماس في العاصمة القطرية الدوحة تصعيدًا استراتيجيًا من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أمر بتنفيذ تلك الضربة دون الاكتراث بالعواقب، مخاطِرًا بحياة المحتجزين لدى الحركة في غزة.

وذكرت صحيفة هآرتس العبرية، في تحليل نشر على موقعها الإلكتروني، اليوم الأربعاء، أن المخاطر تزايدت بشكل حاد عندما شنّ سلاح الجو الإسرائيلي، في عملية مشتركة بين الجيش الاحتلال وجهاز الأمن العام «الشاباك»، غارة على قيادة حماس العليا في الدوحة، أمس الثلاثاء.

وقالت الصحيفة إن دائرة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ترحّب بالفعل بالضربة باعتبارها إنجازًا كبيرًا، ليس فقط من الناحية العسكرية والاستخباراتية، بل من الناحية الاستراتيجية أيضًا، وهو ما من المفترض أن يقرّب إسرائيل من النصر.

وأكدت أنه يجب الانتباه إلى كيفية تأثير هذه الخطوة الهجومية على مصير المحتجزين في غزة، فقد أصبح التهديد على حياتهم وشيكًا، بينما يبقى احتمال خضوع حماس للضغوط – إن حدث – سؤالًا، في أحسن الأحوال، دون إجابة.

كان هدف الغارة الإسرائيلية في الدوحة اجتماعًا لفريق حماس التفاوضي، برئاسة كبير مفاوضي الحركة خليل الحية. وكان المسؤولون قد اجتمعوا لمناقشة أحدث مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار في إطار المحادثات الجارية بشأن صفقة أسرى، وقال نتنياهو في بيان إن قرار الموافقة على الضربة تم اتخاذه ردًا على هجوم إطلاق النار في القدس المحتلة، أمس الأول (الاثنين)، والذي أسفر عن مقتل 6 إسرائيليين. وأضاف أن الفرصة العملياتية لم تسنح إلا يوم الثلاثاء، فصدرت أوامر فورية للجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) بالتحرك.

وقالت الصحيفة العبرية إن توجيه ضربة كاسحة لقيادة حماس قد يُحدث تغييرًا في موازين القوى تجاه قيادة الحركة داخل غزة، التي يقودها الآن آخر قادتها العسكريين البارزين على قيد الحياة، عز الدين الحداد. ومع ذلك، فإن قيادة الحركة خارج القطاع ليست بالضرورة أكثر تشددًا من الحداد، الذي لا يزال مختبئًا في أنفاق غزة، وهو مصمم على مواصلة الحرب.

ولفتت هآرتسإلى أن اتخاذ القرارات داخل حماس يتم بشكل جماعي، بمشاركة مراكز قوة أخرى مثل القيادة في الضفة الغربية المحتلة وأعضائها المعتقلين في إسرائيل. ومن المفارقات أن قيادة الحركة في الضفة الغربية المحتلة – التي لم تكن مستهدفة من قبل إسرائيل خلال هذه الحرب – قد تتمتع بنفوذ أكبر.

وأبلغ جميع كبار قادة الجيش الإسرائيلي، وعلى رأسهم رئيس الأركان إيال زامير، مجلس الوزراء الأمني المصغّر، الشهر الماضي، أن الأولوية ينبغي أن تكون للدفع باتفاق بشأن المحتجزين، ويبدو زامير متعبًا من التحركات الأخيرة، دافعًا بأن على إسرائيل استنفاد مسار التفاوض أولًا بدلًا من شن عملية برية على مدينة غزة، وهو ما يسعى إليه نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف كاتس.

وقد حذّر اللواء احتياط نيتسان ألون، رئيس شعبة الجنود المفقودين والأسرى في الجيش الإسرائيلي، مرارًا وتكرارًا من أن أي عملية برية واسعة النطاق على مدينة غزة قد تعرّض حياة المحتجزين للخطر، ووفقًا للتسريبات الأولية التي أعقبت الضربة في الدوحة، أطلعت إسرائيل الولايات المتحدة على خططها. وليس من الواضح ما إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد وافق على العملية، أم أن نتنياهو واجهه بأمر واقع، إذ كان الهجوم قد بدأ بالفعل. ومع ذلك، من المستبعد أن تمضي إسرائيل قدمًا في مواجهة فيتو أمريكي صريح.

وجدد ترامب مؤخرًا تهديداته بالتدمير الشامل لحماس، عبر إسرائيل، إذا لم تقبل الحركة بالشروط الأخيرة الواردة في اقتراحه لوقف إطلاق النار الأسبوع الماضي. ومع ذلك، تقود حماس كوادر عازمة لا تلين بسهولة أمام الضغوط الخارجية.