النهار
جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: صرخة الرئيس.. وإهمال الحكومة وغياب البرلمان

أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
-

أعتقد أن كلمة الرئيس السيسى أمام اجتماع قمة بريكس فى البرازيل من خلال فيديو كونفرانس، تحتاج إلى قراءة تحليلية ومتعمقة لنكشف ونوضح أبعادها؛ لأنها لم تكن كلمة بالمفهوم البروتوكولى لرئيس دولة، بل كانت صرخة مصرية من الرئيس السيسى للعالم.
فكلمة الرئيس فضحت النظام العالمى الجديد والقديم، وازدواجية المعايير، فما يجرى فى غزة أكبر دليل على أن العالم يقف مكتوف الأيدى أمام انتهاك القوانين الوضعية والإنسانية، كما عكست كلمة الرئيس القوية صوت شعوب العالم الحر التى لم تعد تثق فى المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بعدما فشلت هذه المؤسسات فى وضع حد لإسرائيل التى استباحت كل شىء، بينما العالم صامت أمام هذه المجازر التى لم يحدث مثلها فى تاريخ البشرية ضد الطفل والمرأة والشيخ الفلسطينى.
وأكدت كلمة الرئيس أن مصر لن تجعل من معبر رفح مهربًا لإسرائيل من الاستحقاقات التى عليها و مصر لن تسمح بإخراج الأشقاء الفلسطينيين من أرضهم وتصفية القضية الفلسطينية؛ لأن هذا يمثل انتهاكًا لسيادة الدولة المصرية صاحبة الموقف الثابت منذ بداية الحرب بأنه لا تهجير لأهلنا من غزة، فهذا قرار مرتبط ارتباطًا وثيقًا وحدوديًا بالأمن القومى المصرى.. وأى اقتراب من هذا الأمر، لا نعرف ماذا ستكون ردة الفعل المصرية.
فقمة بريكس الآن أصبحت تمثل نصف سكان العالم، ودول بريكس تمتلك من الأدوات الاقتصادية الضاغطة ما يمكنها من وقف تجريف المواطن الفلسطينى ومحاولة رفع اسم فلسطين من الخريطة العالمية، وجاءت كلمة الرئيس لتذكر العالم بمطالب معظم شعوبه، بضرورة إلغاء حق الفيتو الذى أصبحت أمريكا تستخدمه فى منع الاقتراب من إسرائيل، بل إنها أجهضت تصويت العالم كله على القرارات الأممية وقرارات مجلس الأمن ضد تل أبيب.
فصدق الرئيس فيما قاله تلميحًا أو تصريحًا بضرورة إلغاء حق الفيتو؛ لأنه أصبح وبالًا على العالم وداعمًا فقط لإسرائيل.

إهمال الحكومة
هزتنى - وجعلت الصخر يكاد ينطق فى مشهد تعجز الكلمات عن وصفه- مشاهد تشييع جنازة آخر شهيدات العنب فى قرية كفر السنابسة بمركز منوف، فقد رأيت بعينى الأب والأم اللذين ابتلاهما الله عز وجل باستشهاد زهرة فى عمر الياسمين، ما زالت وردة تتفتح فى سن الخامسة عشرة، وهى آيات زغلول قنديل، التى بكتها القلوب قبل العيون، وبكاها الشعب المنوفى بل كل أبناء مصر الذين شاهدوا هذا المشهد، الذى إن دل على هذا فإنه يدل على إهمال الحكومة ووزير النقل الفريق كامل الوزير.
ولولا تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسى لاستمر إهدار دم الشهداء على طريق الموت (الطريق الإقليمى)، فالرئيس أمر بإغلاق الطريق حتى يتم إصلاحه كاملًا حفاظًا على أرواح أبناء مصر خاصة أبناء المنوفية.
ومن الألم يولد الأمل، فنحن نقترح قبل إعادة افتتاح الطريق الإقليمى مجددًا، أن يتم عمل مطلع ومنزل مزدوج الاتجاه، على الطريق الإقليمى المؤدى إلى مدن منوف وسرس الليان، فهذه المطالع والمنازل مرتبطة بمدن ذات كثافة سكانية عالية، وحتى يكون وقاية تمنع أى حوادث نتيجة سير بعض السيارات والشاحنات عكس الاتجاه، وهذا لن يكلف هيئة الطرق أى مبالغ كبيرة بل مجرد إعادة فى التصميم، والطريق فعلًا مغلق الآن للصيانة، فيجب أن يتم عمل كل المحاذير ضد ارتفاع نسبة الحوادث وما أكثرها فى هذا الطريق نتيجة خطأ فى التصميم الهندسى.
فوجود مطلع ومنزل لخدمة مدن منوف وسرس الليان، سيمنع أى تصادم فى المستقبل.
اللهم قد بلغت
اللهم فاشهد


غياب البرلمان
أنا فى حالة استغراب واندهاش واستفزاز كمواطن مصرى، لماذا لم يجتمع البرلمان المصرى الآن فى ظل الأحداث والمتغيرات السريعة التى تحدث فى غزة وحالة الإبادة التى يقوم بها اليمين المتطرف الإسرائيلى بقيادة نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، وبحماية الراعى الحقيقى لإزالة دولة فلسطين من الخريطة ترامب الشيطان الأكبر؟!
فهل هذا يعقل
أن نرى برلمانات كجنوب أفريقيا يعقد جلسة طارئة لمناقشة ما يجرى فى غزة؟ وكذلك الجمعية الوطنية الفرنسية تعقد جلسة عاصفة، وكذلك البرلمان الإسبانى يعقد جلسة صاخبة على الهواء مباشرة لدعم الشعب الفلسطينى، بينما مجلس النواب المصرى فى حالة غياب أو غيبوبة مستمرة أمام حدث مصرى عربى عالمى ولا أحد يتحرك!
هل هذا يعقل؟
لو كنت فى البرلمان الآن لطالبت أن تعقد جلسة فورية طارئة لنعبر عن صوت الشعب المصرى، ولدعم القوات المسلحة المصرية التى دفعت فاتورة الدفاع عن القضية الفلسطينية بدماء آلاف الضباط والجنود على مدى أكثر من 75 عامًا.
فهل يعقل أن يتصارع البرلمان من أجل القوائم الحزبية وينسى أو يتناسى دوره الأهم فى أوقات المحن، كما ينص الدستور والقانون واللائحة الداخلية، أن ينعقد فورًا ليناقش ما يجرى ويتعلق بالأمن القومى المصرى.
أم أن ما يحدث يعطى مؤشرًا على أننا أمام نواب بلا حاضنة شعبية ولاؤهم للحكومة وليس للشعب.


افتتاح سد النهضة
للإثيوبيين أقول: افتتحوا سد النهضة كما شئتم، وافعلوا ما تريدون، فلن ينجوا آبى أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبى، الذى استخدم كل الطرق المشروعة وغير المشروعة للقفز على الحقائق والثوابت التاريخية لنهر النيل وأراد أن يصنع نيلًا خاصًا بإثيوبيا لا نيلًا إقليميًا يخضع للاتفاقيات الدولية للأنهار.
لن يكون افتتاح سد النهضة هو نهاية المطاف، بل بداية المواجهة؛
لأن الحقوق التاريخية وقوانين البحار والأنهار واضحة، ومهما طال الزمن ومهما فعل آبى أحمد فلا بد أن يعود الحق إلى أهله. فنهر النيل كان تاريخيا هو (نيل مصر)، وكانت مصر الكبيرة تُعرف بنيلها وأزهرها وكنيستها، لكن الصغار دائمًا تصرفاتهم وأفعالهم تنم أنهم سيظلون صغارًا مهما حاولوا أن يناطحوا الكبار، فالحقائق لن تموت والحق لن يضيع، ومصر لن تصمت على استعادة حقها مهما قصر أو طال الزمن.