النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

كيف تنظر الصين إلى الشرق الأوسط؟.. شريك أم خصم

الرئيس الصيني
كريم عزيز -

كشفت الدكتورة شيماء المرسي، الخبيرة في الشأن الإيراني، عن نظرة الصين للشرق الأوسط، مؤكدة أن الصين لا تنظر إلى الشرق الأوسط باعتباره أولوية استراتيجية أو ساحة رئيسية للمنافسة مع الولايات المتحدة، على عكس شرقي أسيا حيث تبدو المواجهة أكثر وضوحًا، ولعل هذا يفسر اختلاف مقاربتها لملف إيران مقارنة بكوريا الشمالية.

ففي الشرق الأوسط، تُفضل بكين الحفاظ على الاستقرار، وتسعى لإقامة علاقات متوازنة بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، ولهذا، ترى في الاتفاق النووي ركيزة أساسية للاستقرار في منطقة الخليج، ويستند دعمها له إلى منطق جماعي دولي، بحسب تحليل «المرسي».

وفق الدكتورة شيماء المرسي، فإنه في الوقت الراهن، تعتبر الصين أن تنامي الحضور الإسرائيلي في المنطقة يمثل عاملًا مهددًا للتوازن الإقليمي، لذلك فهي لا ترغب في إضعاف إيران إلى الحد الذي يخل بالمعادلة، ولهذا السبب تُبدي استعدادًا للتعاون معها، حتى لا تُصنَّف كطرف خاسر.

وأكدت أن القناة الأبرز لهذا التعاون تُعد هي العلاقات الثلاثية بين إيران، والصين، والسعودية، في إطار مقاربة تقوم على منطق المجتمع الدولي، ولعل هذا ما يفسر وساطتها الناجحة في التقارب الإيراني – السعودي عام 2023م، ومع ذلك، تبقى هناك تباينات في المصالح الثنائية بين طهران وبكين.

أما داخليًا، فالنخبة الصينية تكاد تكون متيقنة من أن العلاقات مع واشنطن دخلت مرحلة تنافسية لا تراجع فيها، حتى وإن لم تكن نسخة من الحرب الباردة، إذ ترى بكين أن النظام العالمي لم يعد في طور الانتقال، بل دخل مرحلة ثنائية قطبية جديدة، ومع ذلك، لا تفترض حتمية الحروب بالوكالة أو المواجهات الجيوسياسية المباشرة، بحسب «المرسي».

وذكرت أنه من أجل هذا، ينصب جهد الصين على تقليل العوامل التي قد تدفع الولايات المتحدة إلى تبني سياسة الاحتواء، وتُعد إيران إحدى النقاط الحساسة التي قد يؤدي سوء إدارتها إلى تعزيز هذا التوجه الأمريكي، وتقوم سياسة الاحتواء على منع الخصم من توسيع نفوذه أو التحول إلى قوة مهيمنة عبر الضغوط الاقتصادية والسياسية والعسكرية والدبلوماسية، من دون الدخول في حرب مباشرة.

وفسرت ذلك بأن بكين تتعامل مع إيران بحذر بالغ، فهي تواصل شراء النفط الإيراني حتى في أصعب الظروف، رغم أن تأثير ذلك اقتصاديًا محدود على اقتصادها الضخم (13–14 تريليون دولار)، ولعل، هذا السلوك يعكس التزام الصين بمنطق المجتمع الدولي، إذ تعتبر العقوبات الأحادية شكلاً من أشكال “البلطجة العابرة للحدود”، ومن ثم، فإن تدفق النفط الإيراني إلى السوق الصينية، والحفاظ على انفتاح اقتصادي مع طهران، يجسد هذه الرؤية، بما يحول دون تحول العقوبات إلى وضع دائم، إذ إن نجاح تلك العقوبات في إسقاط النظام الإيراني، من منظور بكين، قد يشجع واشنطن على تعميم هذه الأداة مستقبلًا.