النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

حدود الدور الصيني تجاه إيران.. تحالف أم خلق عداوة؟

إيران
كريم عزيز -

كشفت الدكتورة شيماء المرسي، الخبيرة في الشأن الإيراني، حدود الدور الصيني تجاه إيران، موضحة أن الصين تولي أهمية خاصة للأنظمة الدولية، وعلى رأسها نظام منع الانتشار النووي، فلطالما التزمت إيران بهذا النظام بدعم صيني، ولهذا تحافظ بكين على مقاربتها القائمة، أما إذا قررت طهران الانسحاب منه، فلن تتردد الصين في تعديل سياستها، لكن رد فعلها سيكون مختلفًا عن الغرب؛ إذ ستواصل التعاون مع إيران اقتصاديًا وسياسيًا، غير أنها لن توفر لها دعمًا ملحوظًا في المحافل الدولية، وبذلك، تظل قضية إيران بالنسبة لبكين مرتبطة أكثر بإطار معاهدة منع الانتشار النووي، لا بمنطق موازنة القوى.

وذكرت «المرسي» في تحليل لها، أنه يُستدل على ذلك بالمقارنة مع كوريا الشمالية، التي تعاملت معها الصين بدرجة أكبر من موازنة القوى، فعندما دخلت بيونج يانج في مفاوضات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بادرت بكين إلى عقد أربع قمم بين شي جين بينج وكيم جونج أون في فترة وجيزة.

وبحسب الدكتورة شيماء المرسي، فإنه في حالة إيران، فلا تتبع الصين النهج ذاته في مواجهة الولايات المتحدة، بل على العكس، تفضل أن تبقى في موقع خلفي أو هامشي، بحيث تحافظ على التعاون الاقتصادي والسياسي، من دون انخراط علني مباشر أو تحد واضح لواشنطن بسبب إيران، ومن ثم، إذا بقي الملف النووي الإيراني ضمن حدود الالتزام بعدم الانسحاب من معاهدة منع الانتشار أو تطوير سلاح نووي، فستظل الأوضاع مستقرة نسبيًا، ولن تظهر خلافات كبرى بين القوى الدولية حول إيران، فالصين، مثل غيرها من القوى الكبرى، ترى في منع الانتشار أولوية أساسية، كما تولي في إستراتيجيتها الدبلوماسية أهمية خاصة لإقامة شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية.

وأوضحت أنه في حال تطور المفاوضات الإيرانية بما يؤدي إلى إعادة إحياء العلاقات مع الولايات المتحدة، فإن النموذج الثلاثي للعلاقات بين إيران والصين وأمريكا، الذي برز منذ عام 1971م، سيعود مجددًا إلى الواجهة، مؤكدة أنه من المعروف أنه في عام 1971 اعترفت الولايات المتحدة رسميًا بجمهورية الصين الشعبية وقد بدا ذلك في زيارة وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر ثم الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إلى بكين، وفي العام نفسه، انسحبت بريطانيا كليا من شرق السويس، وبدأت واشنطن تعتمد على «إيران الشاه» كـ«شرطي الخليج» لملء الفراغ الأمني الناجم عن هذا الانسحاب؛ بالتالي ظهر نموذج جديد في العلاقات الدولية، تتقاطع فيه مصالح إيران، والصين، والولايات المتحدة حتى بالرغم من عدم تماسك مثل هذا النموذج.

وعلى المستوى التاريخي، أكدت الخبيرة في الشأن الإيراني، أن مؤسسة دراسات إيران وأوراسيا نشرت مقالة بعنوان: «گزارش تحلیلی در خصوص رویکرد چین در نظام بین الملل وروابط با ایران»، ومعناها «تقرير تحليلي حول مقاربة الصين في النظام الدولي وعلاقاتها مع إيران»، ذهبت فيها إلى أن اعتراف إيران بتايوان كان خطأ استراتيجيا جرى تصحيحه بعد التفاهم الصيني – الأمريكي، ومنذ ذلك الحين ظل العامل الأمريكي حاضرًا في مسار العلاقات الإيرانية – الصينية، واليوم، إذا تجاوزت هذه العلاقات إطار منع الانتشار النووي، فسوف يتغير نموذج التفاعل مع بكين.

وفي هذا السياق، أصبحت الصين أكثر وضوحًا في التعبير عن مخاوفها، بعد أن كانت تميل إلى إخفائها في السابق، ويتمثل أبرز قلق لديها حاليًا في أن أي انفتاح إيراني على واشنطن، قد يقلب موازين العلاقات الراهنة، ومن ثم تحتاج طهران إلى بناء ثقة إستراتيجية عميقة مع بكين، وإلا ستظل عالقة بين القوتين، بحيث يُنظر إلى أي تقارب مع الولايات المتحدة على أنه ابتعاد عن الصين، بما قد يحمله ذلك من تبعات داخلية سلبية أيضًا، بحسب «المرسي».