النهار
جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: من أجل مصر لماذا لا يلتقى المحافظون بالشباب؟

أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
-

أعيش من خلال تجاربى العملية ومعايشتى الواقعية، فى الجامعات والشارع واللقاءات الاجتماعية، مشاكل الشباب عن قرب، وعايشت محبتهم لوطنهم التى تظهر فى رسائلهم التى للأسف الشديد لا تجد آذانًا مصغية تتناسب مع هذه المحبة.
ومن خلال لقاءاتى المباشرة فى الشارع وفى القرى وفى المدن وفى النجوع أؤكد أن هؤلاء الشباب يمثلون القوى الحقيقية لمصر التى تتميز بأن أكثر من 60% من سكانها من الشباب، وهذا فضل من الله؛ حيث إن كثيرًا من دول العالم تتمنى هذه القوة البشرية والقدرات الإيجابية التى يتميز بها شباب مصر وما أكثرهم فى محافظات مصر خاصة المنوفية وصعيد مصر والعديد من المحافظات؛ حيث قابلت والتقيت وناقشت، وهم قوة ناعمة حقيقية تضاف إلى رصيد هذا الوطن الغالى.
ومن خلال اللقاءات والمعايشات مع الشباب فى المدارس والجامعات والمنتديات، ومع شباب الصحفيين أثناء انتخابات نقابة الصحفيين وجدت قاسمًا مشتركًا بين الشباب على مستوى محافظات الجمهورية، وهو أنهم لم يجدوا آذانًا صاغية تستمع إلى رؤيتهم قبل مشاكلهم، فلم نجد محافظًا يفكر خارج الصندوق ويعقد لقاء شهريًا مع شباب محافظته، يحضره المسئولون من الأجهزة الوطنية كلٌ فى محافظته، ويتعايشوا مع أفكار الشباب ويكونوا قادرين على اتخاذ القرارات الفورية لحل مشكلاتهم.
إن شباب مصر المثقف المتعلم والواعى وكما يرى ويشاهد كل متابع للأحداث هم حائط الصد الأول أمام كل الشائعات والأكاذيب من الجماعات الظلامية والميليشيات الإخوانية التى تحاول بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة ضرب استقرار هذا الوطن الغالى ومحاولات النفاذ للشباب المصرى.
فإذا كانت القوات المسلحة خير أجناد الأرض تدافع عن حدود مصر الخارجية فأعتقد أن شباب مصر يجب أن يكون جيشها الذى يدافع عن أمان واستقرار الجبهة الداخلية، خاصة إذا أعطيت الثقة إليهم وكانوا أصحاب القرار واليد العليا فى حل المشكلات، فكل محافظة أدرى بمشاكلها وجغرافيتها وأحلامها وكيفية حلها.
وأعتقد أنه يمكن ضم رجال الأعمال الشرفاء -وليس الفاسدين- إلى هذه اللقاءات، ليكونوا نواة للاستفادة من هؤلاء الشباب الحاصلين على مؤهلات جامعية وماجستير ودكتوراه فى تخصصات خطيرة، وللأسف الشديد لا يجدون فرصة مناسبة لإبراز قدرتهم الحقيقية.
هذا التصالح الذى أدعو إليه بين المحافظات وشبابها هو الخطوة الأولى لبناء مجالس نيابية حقيقية من خلال تدريب هذه الكوادر تدريبًا سياسيًا فى الحوارات واللقاءات والرأى والرأى الآخر، وفى نفس الوقت يتحولون إلى شركاء فى المسئولية؛ لأنهم أصبحوا شركاء فى القرار بناء على معايشتهم لما يجرى فى الداخل والخارج، لكن الحكومة للأسف الشديد بعيدة كل البعد عن الشعب خصوصًا الشباب، ولا تخرج علينا بأى معلومات أو بيانات إلا كنوع من رد الفعل بعد وقوع حدث كبير وتعطى الحكومة ظهرها للشباب وسدت آذانها ضد من يخالفها.
فإذا كنا عاشقين لهذا البلد، ومن أجل هذا الوطن الكبير وهذه الأمة العظيمة بأزهرها وكنيستها وشرفائها وقضاتها، وكل إنسان يحاول أن يسهم فى بنائها، فإننا يجب أن نسد الفجوة مع هذا الشباب العظيم الذى لم يجد حتى الآن أحدًا يستمع إليه بجدية.
وكانت لى تجربة عايشتها فى الدوحة عام 2008 عندما حضرت لقاءً ومحاضرة عنوانها (للشباب حرية اتخاذ القرار)، وطالبت وقتها بأن يكن هذا هدف المرحلة ولم ينل الأمر الاهتمام الواجب، فهل حتى الآن لم يحن الأوان ليكون هذا شعار المرحلة؟ خصوصًا مع المتغيرات والتطورات وثورات الذكاء الاصطناعى والأمن السيبرانى والمعلوماتى.. أعتقد أن هذا أنسب وقت؛ لأن الشباب وحده هو القادر على الرصد والمتابعة والتصدى لكل ما يدور على مستوى العالم.
وأعتقد أننا رأينا أطفال الحجارة الذين رددوا شعار أبوجهاد خليل الوزير (إذا لم تستطع أن تحمل بندقية فاحمل حجرًا) فكانت ثورة الحجارة، التى تطورت مع هؤلاء الأطفال بعد أن أصبحوا شبابًا لفكرة الأنفاق فى غزة والتى حيرت على مدى عامين كاملين إسرائيل وأمريكا بترسانتهما العسكرية والتكنولوجية ولم تستطيعا أن تخترقاها.
فلذلك أقول إنه من خلال لقاءاتى المباشرة مع الشباب والفتيات وطلاب الجامعات والمدارس الثانوية الفنية أو العامة، وجدت أن هناك زخمًا وحلمًا كبيرًا بأن يستمع إليهم أحد، وهذا دور الصحفى والإعلامى والنائب أن يكشف للشباب ما يدور فى العالم خصوصًا فى المنطقة المحيطة بهم سواء فى غزة أو سوريا أو العراق أو اليمن أو السودان، وعلى الجانب الآخر أن يستمع إلى أفكارهم وآرائهم، وصدقونى فإن هناك شبابًا وفتيات مبدعين بمعنى الكلمة ووطنيين جدًا، ويجب ألا نتركهم يرتمون فى حضن المنصات الإلكترونية للميليشيات الإخوانية التى تقدم إغراءات للشباب؛ بسبب بعض الظروف الاقتصادية.
فهذه دعوة مفتوحة للمحافظين، استمعوا إلى صوت الشباب واعقدوا لقاءات دورية مباشرة معهم، واجعلوا لهذه اللقاءات جدول أعمال، وضموا إليها أشخاصًا لهم قدرة على اتخاذ القرار، فهؤلاء الشباب هم جنود مصر على جبهتها الداخلية فى ظل أوضاع جيوسياسية غير مستقرة على الإطلاق.
إذا تم ذلك نكون قد نجحنا فى إعداد كوادر شبابية تحمل لواء ومسيرة الحفاظ على هذا الوطن والتنمية التى تبنى على معلومات حقيقية، ولقد طالبت دائمًا تحت قبة البرلمان بضرورة إصدار تشريع قانون تداول المعلومات، الذى يحمينا جميعًا، حتى لا يكون الشباب والمجتمع أسير القنوات الأجنبية والمنصات التى تنشر جراثيم الفوضى فى محاولة لخلق الفتنة والانقسام داخل الوطن الواحد، وما يجرى فى السودان الآن وليبيا وسوريا خير مثال على ما يدور فى المنطقة العربية.
وأثناء زيارتى إلى إسبانيا وجدت مجموعة من الشباب ومن أهلنا فى الخارج، حريصون على التصدى لكل الأكاذيب والشائعات التى تصدرها الجماعة الإرهابية، ونحن لدينا حوالى 15 مليون مصرى فى الخارج، هم درع مصر وسيفها، خصوصًا بعد أن تعاونت جماعة الإخوان مع الموساد الإسرائيلى لعمل مظاهرات أمام السفارات المصرية، وكانت فكرتنا أن يكون المصريون فى الخارج هم حائط الصد الأول للدفاع عن سفاراتنا أمام الإخوان والصهاينة؛ لأن سفاراتنا هى جزء من أرض مصر، ونقطع الطريق أمام أى مظاهرات مستقبلية؛ ليكون ذلك ردًا عمليًا، ونتحول من خانة رد الفعل إلى خانة الفعل الاستباقى، وهذا هو الجديد.
ولا ننسى أن الشباب كانوا هم المحرك لمحاربة الجريمة باستخدام التكنولوجيا، من خلال الموبايل وتصوير الجرائم المختلفة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى، وهو ما التقطه رجال وزارة الداخلية بكل أجهزتها الوطنية المختلفة ونجحوا من خلاله فى ضبط آلاف الجرائم التى لم يتم تقديم بلاغات بها، رغم أن هذه الجرائم كانت تهدد الشارع والسلم الاجتماعى بفوضى كبيرة، ونجحت هذه الفيديوهات القصيرة والصور البسيطة فى السيطرة على جرائم مختلفة، وهو أمر يكشف أهمية التواصل مع هؤلاء الشباب وتوظيفهم لخدمة مصر وأمنها واستقرارها.
وهذا ما يجعلنى أؤكد أننا فى حاجة إلى برلمان يمتلك نوابه هذه القدرة على التواصل مع الشباب وليس نواب الغرف المغلقة والمال السياسى ولعبة الكراتين الجديدة.
وأقترح أن يكون كل هذا تحت إشراف الحكومة التى غابت بما يكفى عن ملف الشباب بعد أن أصيب بفيروس الصمت والخوف وعدم الاستماع.
فيا محافظى مصر، هذه دعوة مفتوحة لعقد لقاءات شهرية مع الشباب والاستماع إلى آرائهم ومنحهم سلطة اتخاذ القرار.
اللهم قد بلغت
اللهم فاشهد