النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

دلالات لغة الجسد في لقاء الرئيس الأمريكي ونظيره الروسي بألاسكا

جانب من اللقاء
كريم عزيز -

التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في قاعدة «إلمندورف-ريتشاردسون» بمدينة أنكوراج في ألاسكا، وتصدرت الحرب في أوكرانيا والتعاون الاقتصادي «الأمريكي – الروسي» جدول الأعمال.

سرقت لغة الجسد والإشارات غير اللفظية الأضواء وأثارت اهتمام خبراء التحليل السلوكي حول العالم، فخلافًا للتوقعات، كانت لغة الجسد في هذا اللقاء بعيدة كل البعد عن البرودة المتوقعة، كما ذكرت شبكة «سي إن إن»، كما برز المشهد الأكثر لفتًا للانتباه عندما ظهر بوتين مبتسمًا وهو ينظر من نافذة السيارة الرئاسية الأمريكية «الوحش» أثناء مرورهما أمام عدد من الكاميرات على المدرج.

وعندما اقترب الرئيس الروسي من ترامب على السجادة الحمراء، استقبله الرئيس الأمريكي بتصفيق خفيف، في إشارة ترحيب بوصوله إلى الأراضي الأمريكية لأول مرة في عقد كامل، وتصافح الزعيمان وسارا معًا نحو السيارة الرئاسية، في مشهد عكس أجواء إيجابية غير متوقعة وسط التوترات الجيوسياسية الراهنة.

قدمت خبيرة لغة الجسد «باتي آن وود» تحليلًا مفصلًا لموقع «نيوزويك» حول اللحظات الأولى للقاء، مؤكدة أن المصافحة التاريخية احتوت على مزيج من الاحترام والسيطرة والألفة، لافته إلى أن ترامب أظهر ثقة واضحة أثناء انتظار وصول بوتين، حيث كان يقف مبتسمًا بابتسامته الطبيعية الصغيرة، مع كتفين مفرودين أكثر من المعتاد، مما يوحي بثقة عالية.

في لحظة حاسمة، كسر ترامب نمطه المعتاد في المصافحات عندما قدّم يده بوضعية «الكف للأعلى»، مما يشير، وفقًا لتحليل «تايمز أوف إنديا»، إلى أنه يرى بوتين كشخصية أكثر نفوذًا وقوة.

لكن ترامب عوّض هذا بحركته المميزة المعتادة، وهي إبقاء المصافحة قريبة من وسط جسده لجذب الشخص الآخر إليه، وهو ما يُعد إظهارًا واضحًا للقوة والسيطرة، وحافظ كلا الزعيمين على التواصل البصري والابتسام، مما عكس، بحسب وود، توازنًا بين الاحترام والحزم، بينما بقيت رؤوسهما قريبة من بعضها البعض، وهو ما يوحي بالدفء والألفة في التعامل.

وصفت وود ما حدث بعد ذلك بأنه لعبة شطرنج المصافحات، حيث استخدم ترامب يده اليسرى للربت على ذراع بوتين، مكوِّنًا ما يُعرف بـ«المصافحة المزدوجة»، وفسّرت الخبيرة هذه الحركة كإشارة خفية للهيمنة، قائلة: «هذا يعني رمزيًا 'يمكنني أن أضربك لو أردت»، وردّ بوتين بالمثل في تبادل للإشارات غير المباشرة للقوة.

خلال المشي معًا، لاحظت وود أن يد ترامب انتقلت لتصبح في الأعلى، مما غيّر ديناميكية التفاعل بينهما، كما أن بوتين بدا أكثر استرخاءً وثقة مع تأرجح ذراعيه بحرية، بينما أبقى ترامب ذراعيه قريبين من جسده، وفي لحظة لافتة، أمسك ترامب بمرفق بوتين وانحنى ليهمس له، وهو ما اعتبرته وود «حركة سيطرة وإيماءة حميمية في آن واحد».

خلال جلسة التصوير الرسمية، لوحظ أن بوتين كان يقبض يديه في قبضات ثم يرخيهما، وهو سلوك فسرته وود بأنه قد يشير إلى الاستعداد للمواجهة، رغم أنه قد يكون أيضًا مرتبطًا بمسائل جسدية، واستمر كلا الرجلين في الابتسام، وهو ما اعتبرته مسرحًا سياسيًا في ظل سياق الحرب الأوكرانية.

وأشارت «سي إن إن» إلى تفصيل مهم آخر، حيث إن بوتين، المعروف بنقل مزاجه من خلال وضعيته، لم يكن منحنِيًا في كرسيه كما يفعل عادة مع الرؤساء الأمريكيين السابقين كعلامة على عدم الاهتمام.

بدلًا من ذلك، جلس منحنِيًا إلى الأمام في كرسيه مع تشبيك يديه، بينما كانت الكاميرات تلتقط الصور والصحفيون يصرخون بأسئلة لم تجد إجابة، ورغم كل المناورات الواضحة لإظهار القوة من كلا الجانبين، أكدت وود أن اللقاء بدا دافئًا بشكل عام، مشبّهة إياه بـ«صديقين قديمين يلتقيان بعد فترة طويلة من الفراق».

وأشارت إلى أنه حتى مع معركة المصافحات، فقد رأيت ترامب يعطي نظرة موت أو يتجنب التواصل البصري في مواقف مماثلة، لكن ليس هنا، وكانت صحيفة «ذا هيل» قد تنبأت مسبقًا بأن لغة الجسد ستكون موضع نقاش من قبل خبراء من جميع أنحاء العالم، مؤكدة أن نبرة ولغة جسد ترامب وبوتين في المؤتمر الصحفي المشترك في ألاسكا سيتم تحليلها بعناية فائقة.

وهو ما حدث فعلاً، إذ كشف هذا اللقاء كيف تلعب الإشارات غير اللفظية دورًا محوريًا في رسم خريطة العلاقات الدولية، خاصة بين القوى العظمى في عالم تسوده التوترات والتحديات الجيوسياسية المعقدة.