النهار
جريدة النهار المصرية

فن

من محمد منير إلى محيي إسماعيل.. فنانون في مرمى غضب أهل النوبة

محمد منير
بسمة رمضان -

شهدت الساحة الفنية المصرية على مدار السنوات الماضية عدة وقائع أثارت غضب أهل النوبة، بسبب ما وصفوه بـ"الاستهانة بثقافتهم" أو "تشويه تاريخهم" أو "التنمر على ملامحهم ولهجتهم"، ورغم أن بعض الفنانين قدموا اعتذارات رسمية، فإن الأزمات المتكررة تؤكد وجود فجوة واضحة بين الوسط الفني ومكونات الهوية النوبية.

وفيما يلي أبرز هذه الأزمات:

محيي إسماعيل يسخر من محمد وردي؟

أثار الفنان محيي إسماعيل خلال الساعات الماضية جدلاً واسعاً بعد انتشار مقطع فيديو له يُعتقد أنه يسخر فيه من المطرب السوداني الشهير محمد وردي، أحد رموز الغناء في السودان والنوبة، وعلى الرغم من أن الفيديو لم يُؤكد رسميًا ما إذا كانت السخرية مقصودة أم لا، فإن حالة من الغضب انتشرت بين بعض أبناء النوبة على وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرين أن "أي استهزاء برموزهم الفنية والثقافية مرفوض تماماً".

حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم يصدر تعليق رسمي من محيي إسماعيل بشأن ما نُسب إليه، كما لم تُعلن أي جهة نوبية موقفاً رسمياً تجاه الواقعة، ما يترك الباب مفتوحًا لمزيد من التفاعل في الأيام المقبلة.

محمد منير ومسلسل "المغني": عندما أغضب الكينج النوبيين

في عام 2016، عرض مسلسل "المغني" الذي يروي السيرة الذاتية للكينج محمد منير، وعلى الرغم من أن "منير" يُعتبر أحد أبرز الفنانين النوبيين، إلا أن المسلسل أثار غضبًا كبيرًا بين النوبيين، خاصة بسبب مشهد تهجير النوبيين في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.

ظهر في المشهد أطفال يحملون صور عبد الناصر ويبتسمون، وهو ما وصفه الناشطون النوبيون بأنه "تزييف للتاريخ"، مؤكدين أن التهجير كان قاسيًا ومؤلمًا، وأن الصورة المعروضة في المسلسل لا تعبّر عن الحقيقة. كما انتقدوا استخدام اللهجة الصعيدية بدلًا من النوبية، ما اعتبروه تقليلًا من خصوصية الهوية الثقافية.

رغم الجدل، لم يصدر عن محمد منير أي اعتذار مباشر، بينما وصف صناع المسلسل الأزمة بأنها سوء فهم مؤكدين أنهم حاولوا تقديم رؤية فنية وليست توثيقًا حرفيًا.

سليمان عيد وإعلان "بلبن": التنمر على الهوية

في فبراير 2025، ظهر الفنان سليمان عيد في إعلان تجاري لإحدى شركات الألبان، مجسّدًا شخصية قيل إنها تحاكي النوبيين من حيث اللهجة والمظهر. الإعلان اعتُبر مسيئًا من قِبل قطاع كبير من النوبيين الذين وصفوه بأنه "تنمر فج" على لون البشرة واللكنة النوبية.

الجمعية المصرية للمحامين النوبيين أصدرت بيانًا أدانت فيه الإعلان بشدة، وتقدمت ببلاغ رسمي للنائب العام، مطالبةً باتخاذ إجراءات قانونية ضد الشركة والممثل.

سليمان عيد لم يتأخر في الرد، حيث أصدر فيديو اعتذار رسمي عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، أكد فيه احترامه الكامل للنوبة وأهلها، مشيرًا إلى أنه لم يقصد الإساءة، وأنه مستعد لتحمّل المسؤولية. ورغم حذف الإعلان، استمرت الدعوات لمحاكمة المتورطين قانونيًا، كخطوة للردع وعدم تكرار الإهانة.


هل ما زالت الهوية النوبية تُساء معاملتها؟

هذه الحوادث الثلاث، وغيرها، تعكس فجوة قائمة في وعي بعض صُناع الفن والإعلانات تجاه الثقافة النوبية، التي تُعد جزءًا أصيلًا من النسيج المصري وبينما يطالب النوبيون باحترام ثقافتهم، تزداد الحاجة إلى التمثيل الحقيقي والدقيق لهم في الأعمال الفنية والإعلامية، بعيدًا عن التنميط أو السخرية.

الأزمة لا تتعلق فقط بفنان أو إعلان، بل بكيفية النظر إلى التنوع الثقافي داخل المجتمع المصري، وضرورة ترسيخ مبادئ الاحترام والتمثيل العادل لكل فئة، دون استعلاء أو تجاهل.