بعد رحيل صنع الله إبراهيم.. كيف قدّم مسلسل ”ذات” صورة حية لتاريخ مصر الاجتماعي؟

في عام 2013، عُرض مسلسل "ذات"، المستوحى من رواية الأديب الراحل صنع الله إبراهيم التي صدرت في تسعينيات القرن الماضي، ليصبح العمل الدرامي الوحيد المأخوذ عن إحدى رواياته، لكنه كان كافيًا لتخليد بصمته في وجدان الجمهور بصريًا كما فعل أدبيًا.
من صفحات الرواية إلى الشاشة
رواية "ذات" لم تكن مجرد سرد لحياة بطلتها، بل كانت مرآة بانورامية واسعة لحياة المصريين، من خمسينيات القرن العشرين حتى مطلع الألفية. من خلال التفاصيل اليومية لحياة "ذات"، ابنة الطبقة المتوسطة، قدّمت الرواية سردًا دقيقًا لتحولات المجتمع المصري سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا.
بطلة العمل... مرآة المجتمع
في المسلسل، جسدت نيللي كريم شخصية "ذات"، وشاركها البطولة كل من باسم سمرة وانتصار. وُلدت "ذات" في ظل ثورة 1952، وعاشت تقلبات مصر على مدى العقود التالية، فكانت شاهدًا بسيطًا لكنه صادقًا على التغيرات التي طالت كل شيء: من شكل الشوارع والملابس وأسعار السلع، إلى السياسات الاقتصادية الكبرى، مرورا بأحداث فاصلة مثل نكسة 1967، وانتصار أكتوبر، والانفتاح، وصعود القنوات الفضائية.
رصد اجتماعي واقتصادي من زاوية إنسانية
ما ميّز المسلسل أنه لم يعرض التاريخ فقط من خلال الوقائع الكبرى، بل من خلال حياة امرأة عادية، نتابعها وهي تتنقل بين أدوارها كابنة، وزوجة، وأم، وموظفة.
العمل كشف بمهارة تحولات في العلاقات الاجتماعية، أوضاع المرأة، والتعليم، والوظائف، وحتى التغيرات في الموسيقى والسينما وسلوكيات الشارع.
إرث لا يُنسى
برحيل صنع الله إبراهيم، يفقد الأدب العربي أحد كتّابه الذين آمنوا أن الرواية ليست فقط للخيال، بل أيضًا لتوثيق التاريخ وتحليل المجتمع، رواية "ذات" ومسلسلها سيبقيان شاهدين على عبقرية تحويل الواقع اليومي إلى عمل أدبي وإنساني خالد.