وفاة صنع الله إبراهيم.. الأديب الشيوعي الذي أُعتقل 5 سنوات بهذا السبب

غيب الموت الكاتب والأديب الكبير صنع الله إبراهيم، اليوم الأربعاء، بعد صراع مع الإلتهاب الرئوي خلال الأشهر الماضية، والتي أدى ولوفاته عن عمر ناهز الـ88 عامًا.
مواقف رافضة في حياة صنع الله إبراهيم
كان صنع الله إبراهيم، صوتًا أدبيًا نابعًا من تجربة سياسية وفكرية صدامية، شكّلت خلفيته الشيوعية أحد أعمدتها الأساسية، فقد انتمى إلى جيل آمن بأن الكتابة ليست فعلًا جماليًا فقط، بل أداة للرفض والمساءلة والتغيير، وهذا ما تجلّى بوضوح في أعماله ومسيرته الشخصية.
ونشأ صنع الله إبراهيم، في بيئة مثقفة شجّعته على القراءة مبكرًا، لكنه لم يكتف بالثقافة النظرية، بل انخرط منذ شبابه في العمل السياسي اليساري، فانضم إلى المنظمة الشيوعية المصرية "حدتو" (الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني)، إحدى أبرز الحركات الماركسية في مصر منتصف القرن العشرين.
وفي عام 1959، ألقي القبض عليه ضمن حملة اعتقالات واسعة استهدفت الشيوعيين والناشطين السياسيين، وقضى خمس سنوات في السجن، وهي تجربة شكلت نقطة تحوّل مفصلية في حياته، انعكست لاحقًا في أعماله الأدبية التي امتزجت فيها السيرة الذاتية بالرؤية الفكرية.
بعد خروجه من المعتقل عام 1964، انتقل صنع الله إبراهيم إلى العمل الصحفي، لكنه لم يتخلَ عن قناعاته، وعمل في وكالة الأنباء المصرية، ثم في برلين الشرقية، حيث تفاعل عن قرب مع التجربة الاشتراكية الألمانية، وانتقل بعدها إلى موسكو لدراسة السينما، قبل أن يستقر في القاهرة عام 1974 متفرغًا للكتابة.
أعماله الروائية جاءت محمّلة بروح التوثيق والتأريخ، وهو ما يتماشى مع الواقعية الاشتراكية، لكن دون الوقوع في التبشير أو التسطح الأيديولوجي. ففي روايات مثل: "اللجنة": يُسائل سطوة الدولة والرقابة، "شرف": يكشف عن الطبقية والفساد داخل السجن كمجتمع مصغّر، "ذات": يؤرّخ لتحوّلات المجتمع المصري من القومية إلى النيوليبرالية.
وظلّ صنع الله إبراهيم وفيًا لموقفه النقدي من السلطة، ورفض في عام 2003 تسلّم "جائزة الرواية العربية" المقدّمة من المجلس الأعلى للثقافة، اعتراضًا على ممارسات الحكومة المصرية، في مشهد لافت عبّر فيه عن استمرار الربط بين الموقف الأدبي والموقف السياسي.