”بحيرة القرعون” خزان لبنان الأكبر على وشك النضوب

فوق سد "بحيرة القرعون" الأسمنتي شرق لبنان وبعينين تغمرهما الحسرة وقف الستيني جمال عمار مذهولا من تشققات الأرض، والامتداد الترابي الجاف الذي يتوسع يوما بعد يوم، نتيجة الانخفاض الحاد وغير المسبوق في مياه هذه البحيرة الإصطناعية الأكبر في لبنان.
هذا المواطن العصامي والذي أمضى أكثر من ربع قرن في صيد الأسماك وسط هذه البحيرة التقط صورة البحيرة الجميلة والتي كنا نتباهى فيها تبدلت وتحولت من خزان مائي كبير ومصدر رزق مهم ومقصد للزوار، إلى ما يشبه حوض صغيرموبوء بعد انخفاض حاد في مياهها".
وأضاف أن"ضفاف البحيرة والتي كانت تغص بالسياح والمتنزهين وهواة الصيد ومراكب الصيادين، باتت مقفرة قاحلة تفوح منها روائح كريهة خطرة، فالأسماك التي كانت تملأ المكان بالحركة والنشاط نفقت وطافت على سطحها، فيما طيور البط والإوزغادرت إلى مكان نجهله".
من جهته الشاب الثلاثيني حسان حيمور وخلال التقاطه بهاتفه المحمول صورا لما تبقى من مياه البحيرة قال لقد خذلت الطبيعة المزارعين وأصحاب المنتزهات وأبناء البلدات المحيطة وكل الذين يعتاشون من هذه البحيرة، التي تحتضر بصمت في بلدنا المنهك بالأزمات من كل صوب".
وتابع "المشهد اليوم تبدل وانقلب رأسا عل عقب، فبعدما كانت البحيرة مفعمة بالحياة والعطاء، هاهي باتت تحتضر بسرعة وكأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة".
وأضاف"مناظر مقززة حلت بهذه البحيرة،علب معدنية فارغة تطفو فوق المياه الملوثة، تحيط بها قشور بلاستيكية وحبال قديمة طفت على السطح، وخلفها بدت مساحات واسعة من أرض جافة متشققة".
وقال الدكتور سامي علوية مدير عام المصلحة الوطنية لنهر الليطاني انه مع بداية شهر أغسطس الجاري سجل تدني إضافي غير مسبوق في منسوب مياه هذه البحيرة ".
وأوضح أن "كمية المياه المتبقية فيها وما نسميه المخزون المائي لا يتعدى حدود 57 مليون متر مكعب، ما جعلنا نوقف تصريف المياه من البحيرة نحو الحوض الأدنى".
وتابع أن "الكمية المتبقية في البحيرة مرشحة للانخفاض أيضا خلال الأشهر الأربعة القادمة، والتي تفصلنا عن موسم الشتاء نتيجة جفاف نهر الليطاني والينابيع المتعددة، التي تصب في البحيرة وارتفاع درجات الحرارة والتي تجاوزت في هذه الفترة 40 درجة".
وأشار إلى أن "كمية المياه التي وصلت إلى بحيرة القرعون، في هذا الموسم المطري لا تتعدى من 40 إلى 45 مليون متر مكعب في حين المتوسط السنوي المعتاد يقارب 350 مليون متر مكعب ".
واعتبر أن "هذا التدني الخطير في الموارد المائية يشكل تهديدا بيئيا خطيرا، ويضرب مقومات الزراعة والطاقة الكهرومائية، والصحة العامة ناهيك عن الخسائر المادية للمستفيدين بشكل مباشر من البحيرة".
وأوضح مصدر أمني لبناني مسؤول ومخول بحراسة البحيرة أن ما نشهده اليوم في بحيرة القرعون ليس مجرد تراجع في منسوب المياه، بل إنذار حقيقي يهدد أمننا المائي والغذائي".
يذكر أن بحيرة القرعون هي أكبر بحيرة اصطناعية في لبنان، تقع في منطقة البقاع الغربي على ارتفاع 800 متر فوق سطح البحر، تم إنشاؤها عند سد القرعون (نهر الليطاني) عام 1959، تبلغ مساحتها حوالي 12 كيلومترا مربعا وتبلغ سعتها حوالي 220 مليون متر مكعب.
وتعد بحيرة القرعون مصدراً رئيسياً للمياه في لبنان، حيث تستخدم في ري الأراضي الزراعية وتوليد الطاقة الكهرومائية.