النهار
جريدة النهار المصرية

رياضة

حمام سباحة وزارة التربية والتعليم في قبضة الأهلي.. ماذا حدث؟

مها الصباحي -

في قلب الجزيرة، وعلى مقربة من النيل، يقف أحد أقدم المنشآت الرياضية التعليمية في مصر، حمام سباحة وزارة التربية والتعليم، هذا الصرح الذي أنشئ قبل قرن كامل من الزمان، لم يكن مجرد مسبح، بل مكان لصناعة الأبطال وتنمية مهارات النشئ ،وتوفير متنفس رياضي حقيقي للطلاب والطالبات في قلب العاصمة.

تم تصميم الحمام على الطراز الأولمبي الفريد بمساحة 50×22.5 مترًا، ويضم منطقة سباقات غطس، وملعب كرة ماء، ليكون نواة رياضة السباحة في المدارس الحكومية.

كارثة فنية تُغلق الأبواب

في يناير 2017، حدثت الواقعة التي قلبت الموازين، أثناء إحدى البطولات، أصيبت عدة طالبات بتشنجات وصدمات نتيجة أعطال فنية خطيرة في البنية التحتية للحمام، كشفت التقارير لاحقًا عن تلف في الماكينات والفلاتر والغلايات، وتسريبات محتملة بحوض السباحة، مما استوجب الإغلاق الفوري. وتم حينها تشكيل لجنة من الهيئة العامة للأبنية التعليمية، وقدمت تقريرًا فنيًا شاملًا، وأوصت برفع الكفاءة بتكلفة قدرت بـ35 مليون جنيه، ومع ذلك ظل الحمام مغلقًا لأكثر من ثلاث سنوات، دون تنفيذ أي إصلاحات حقيقية على الأرض.

الاستحواذ الصامت: من التربية والتعليم إلى الأهلي

وفي عام 2020، فوجئ العاملون بوزارة التربية والتعليم بما يشبه الصدمة، حديث غامض بدأ يتردد عن منح الحمام للنادي الأهلي، وما لبث الأمر أن تحول من شائعة إلى واقع صادم. شهود عيان من موظفي الوزارة أكدوا أنه في أحد الأيام، دخل أفراد من النادي الأهلي إلى الحمام، وأخرجوا العاملين التابعين للوزارة، وتم سحب وحدة الأمن والموظفين، دون إنذار.

تم وضع شعار النادي الأهلي، وتغيير كل معالم الحمام، وأُزيلت كل اللافتات والإشارات لوزارة التربية والتعليم المالكة الأصلية للمكان.

لا أحد رأى عقد الانتفاع، فكيف اختفى المرفق التعليمي فجأة؟

الأكثر إثارة أن الأنباء ترددت عن توقيع وزير التربية والتعليم الأسبق دكتور طارق شوقي عقد مع النادي الأهلي بحق الانتفاع، لكن المفاجأة أن لا أحد رأى هذا العقد حتى الآن، لا توجد نسخة منشورة، لا بيان رسمي، لا شفافية.

ومع مرور الوقت، بدا أن الوزارة تنازلت فعليًا عن واحد من أعرق منشآتها لصالح جهة رياضية كبرى، دون توضيح أو توثيق عام، ما يطرح تساؤلات خطيرة:

هل يجوز لوزارة التربية والتعليم التفريط في مرفق خدمي وتعليمي بهذا الشكل؟ هل تم تقييم القيمة الحقيقية للحمام؟ لماذا لم يتم إعادة تشغيل الحمام للطلبة بعد تخصيص ميزانية إصلاحه ورفع كفاءته؟ وهل أصبح من الطبيعي أن تختفي المنشآت التعليمية من أجل مصالح أندية النخبة؟

في النهاية، لم يعد هناك حمام سباحة لطلاب المدارس الحكومية، الذين تم إقصاؤهم من منشأة كانت لهم، وكان بإمكانها اكتشاف مواهب وصناعة أبطال.

والآن يقف الطلاب خارج الأسوار في الشارع، محرومين من حقهم في الرياضة، فيما تحول الحمام إلى واجهة جديدة للنادي الأهلي.

هذه ليست فقط قصة منشأة رياضية، بل قصة عن غياب الشفافية، وتجاهل حقوق الأجيال، وتمرير القرارات في الظل، لذلك نطالب بالكشف الفوري عن أي عقود تخص حمام سباحة وزارة التربية والتعليم بالجزيرة، ومحاسبة من فرّط في هذا الصرح التاريخي.