النهار
جريدة النهار المصرية

فن

أحب سورة النمل وصوت مصطفى إسماعيل.. لطفي لبيب عاش قبطيًا تحت مظلة الإسلام والفن

لطفي لبيب
لينا أشرف -

لم يكن الفنان الراحل لطفي لبيب مجرد ممثل أجاد تقمّص الأدوار، بل كان رمزًا نادرًا لـ”الفنان الإنسان”، الذي لم تنحصر رسالته في الكاميرا، بل امتدت إلى الوطن، والناس، والدين، والضمير.

وعرف الجمهور لطفي لبيب من خلال عشرات الأدوار التي أداها بإتقان هادئ، حتى أصبح أحد أبرز وجوه الدراما المصرية، خصوصًا في أدوار الشخصيات الوقورة: السفير، الضابط، الطبيب، القاضي، ولكنه خارج الشاشة، كان يحمل نفس الاتزان والرصانة، وكانت له مواقف وطنية واضحة لا تعرف المواربة.

فقد صرّح في أكثر من لقاء بأنه يرفض العمل في أي عمل يهين المؤسسة العسكرية أو يشكك في استقرار الدولة، مشيرًا إلى أنه “جندي قبل أن يكون ممثلًا”، وهو ما يعكس خلفيته العسكرية حيث خدم في القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر، وهي التجربة التي ظل يعتز بها حتى آخر أيامه.

كما شارك لبيب في أعمال درامية ذات طابع وطني، ورفض سيناريوهات عديدة كانت تحمل رسائل مشوهة – حسب تعبيره – حتى لو كانت مغرية ماليًا.

احترامه للأديان والرموز الروحية

وتميّز لطفي لبيب بتعامله الإنساني العابر للطوائف والمذاهب، وكان رمزًا للتسامح الديني. تحدث في أكثر من مناسبة عن نشأته في بيئة صعيدية محافظة، وكيف أن التعايش مع المسلمين والمسيحيين معًا شكّل وجدانه. كان يُقدّر الرموز الدينية جميعها، ويحرص على تقديم شخصيات دينية في أعماله دون مبالغة أو استهزاء.

وقد أدّى دور القس في أكثر من عمل فني بروح مليئة بالاحترام، تمامًا كما جسّد الشيخ والعالم الديني بطريقة جعلته قريبًا من الجمهور بغض النظر عن معتقداتهم.

كان لطفي لبيب محبوبًا في الوسط الفني، ليس فقط لموهبته، ولكن لتواضعه وطيبته واحترامه لكل من حوله. شهد له كبار النجوم ومساعدو الإخراج وحتى عمّال الإنتاج بأنه كان “الأب الروحي” في الكواليس، دائم النصح، كثير الدعاء، لا يحمل حقدًا ولا يتعامل بتعالٍ، كما عرف عنه دعمه للفنانين الشباب، إذ كان يشجعهم ويوجههم دون أن يفرض عليهم سلطته أو خبرته.

✦ حين اختار الصمت على الاستغلال

رغم تراجع حالته الصحية في السنوات الأخيرة بسبب الجلطة الدماغية التي أصيب بها عام 2017، رفض لبيب استغلال مرضه لجذب الشفقة أو الأضواء. ظل صامتًا، يبتعد عن اللقاءات، ويظهر فقط عندما يكون قادرًا على الكلام والعطاء.

وقد صرّح في آخر حواراته:

“لا أريد أن يراني الجمهور ضعيفًا. الصورة اللي يعرفوني بيها، أحب تفضل في ذاكرتهم.”

✦ وداع الإنسان قبل الفنان

برحيله، خسر الوسط الفني واحدًا من أكثر أبنائه صدقًا ونبلًا. لم يكن لطفي لبيب مجرد وجه مألوف على الشاشة، بل كان روحًا صافية تمشي بين الناس بابتسامة، وبصيرة، وقلب يحب الوطن ويخشى الله.