النهار
جريدة النهار المصرية

عقارات

صدمة لـ70% من الشركات

ضريبة القيمة المضافة تشعل الجدل في سوق المقاولات والعقارات

المهندس محمد عبد الرؤوف
السيد ياسين -

في خطوة مفاجئة، أعلنت وزارة المالية تعديلات جديدة على قانون ضريبة القيمة المضافة، تقضي بفرض السعر العام للضريبة بنسبة 14% على قطاع المقاولات والتشييد والبناء بدلاً من 5%، إلى جانب تطبيق ضريبة 1% على الوحدات التجارية والإدارية في حالتي البيع أو الإيجار.

هذه القرارات أثارت موجة واسعة من الجدل في الأوساط العقارية والإنشائية، خاصة بين ممثلي الشركات المتوسطة والصغيرة، التي تشكل النسبة الأكبر من سوق المقاولات المصري.

المهندس محمد عبد الرؤوف، أمين صندوق الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، رحّب من حيث المبدأ بتوسيع نطاق الضريبة، معتبرًا أن تطبيق القانون يحقق الشمول الضريبي ويدمج الاقتصاد غير الرسمي، وهو توجه محمود تسعى إليه الدولة.

لكنه شدد في الوقت نفسه على أن "صدور القانون دون حوار مجتمعي مع ممثلي القطاع، مثل الاتحاد المصري للتشييد والبناء، أمر غير مقبول"، لافتًا إلى أن الشركات العاملة بحاجة إلى وقت كافٍ للاستعداد من النواحي المحاسبية والإدارية.

وأوضح عبد الرؤوف أن الشركات الكبرى ستتمكن من التكيّف سريعًا مع النظام الجديد، في حين أن الشركات المتوسطة والصغيرة، التي تمثل 70% من السوق، ستتضرر بشكل مباشر. فالقانون الجديد يُلزم المقاول بتحصيل الضريبة وتوريدها، حتى لو كان لا يملك أنظمة أو موارد كافية لتنفيذ هذه المهمة.

تحديات واقعية

من أبرز المشكلات التي تواجه المقاولين الآن، وفق عبد الرؤوف، أن القانون يشمل المطالبة بفواتير ضريبية عن جميع المعاملات، بما في ذلك المواد الخام مثل الحديد والأسمنت، وهو ما يعقّد الإجراءات ويضيف أعباءً مالية جديدة.

واقترح أن يتم قصر تطبيق القانون على العقود الجديدة فقط، دون الرجوع إلى التعاقدات الجارية أو السابقة، مؤكدًا أن ذلك سيساعد الشركات في ترتيب أوضاعها والتكيف مع النظام الجديد دون حدوث صدمة تشغيلية.

كما طالب بأن تتحمل الجهات الحكومية ضريبة المشاريع المتعاقد عليها سابقًا، خاصة أن كثيرًا من تلك المشروعات يتم تأجيل سداد مستحقاتها، ما يخلق فجوة مالية لا تحتملها الشركات الصغيرة.

أثر مباشر على القطاع العقاري

في السياق ذاته، قال الدكتور باسم الشربيني، الخبير العقاري، إن توسيع نطاق الضريبة على الوحدات التجارية والإدارية قد يبدو محدودًا في نسبته، لكنه يحمل أثرًا كبيرًا على السوق، خاصة في المرحلة الانتقالية.

وأوضح أن الضريبة تنعكس في النهاية على المستفيد النهائي، سواء أكان مشتريًا أم مستأجرًا، لافتًا إلى أن المطور العقاري سيتحمل الضريبة عند البيع، بينما يتحمل المالك مسؤوليتها عند التأجير.

وأضاف أن الضريبة الجديدة ستؤثر بشكل واضح على حركة التسعير داخل المراكز التجارية والإدارية، كما ستبطئ من وتيرة المبيعات والإيجارات، خاصة في حالة التعاقدات طويلة الأجل.

وأشار إلى أن القانون قد يؤدي إلى رتفاع طفيف في أسعار العقارات خلال الفترة المقبلة، ولكنه أكد في المقابل أن المشروعات الجديدة والممولة بشكل جيد لن تتأثر بشكل مباشر على المدى القصير.

مخاوف من ركود

بشكل عام، تسيطر حالة من القلق على القطاع بسبب التوقيت المفاجئ للتعديلات، وعدم وضوح آليات التطبيق، وعدم وجود فترة انتقالية كافية لتهيئة السوق.

وأعرب خبراء عن مخاوفهم من أن الضغط الضريبي على الشركات الصغيرة والمتوسطة قد يؤدي إلى انسحاب بعضها من السوق، أو تعثرها في تسليم المشاريع، وهو ما قد ينعكس سلبًا على معدلات البناء والتوظيف.

توصيات للحكومة

طالب اتحاد المقاولين بضرورة اتخاذ عدة خطوات عاجلة، منها:

* مد فترة التسجيل الضريبي 3 أشهر على الأقل لإعطاء الشركات فرصة التهيئة.
* توضيح تفاصيل تطبيق القانون على العقود القديمة والجديدة.*
* تحميل الجهات الحكومية الضريبة في المشروعات الحكومية المؤجلة.*

في النهاية، لا خلاف على أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة بالسعر العام خطوة مهمة نحو الإصلاح الضريبي، لكنها تحتاج إلى حوار مجتمعي، وفترة انتقالية مدروسة، ودعم حقيقي للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العمود الفقري لقطاع التشييد والبناء في مصر.