مصطفى الشاذلي.. حين يسقط الحلم من على السقالة

خرج مصطفى الشاذلي، من منزله مثل كل صباح حاملاً مِعوله وأمله، يبحث عن رزقه فوق السقالات العالية، كعامل محارة لا يعرف إلا الكد والتعب سبيلًا للحياة الكريمة.
لم يكن شابًا عاديًا، بل كان كتلة من الجد والاجتهاد، يحمل في قلبه مسؤولية عائلة، وفي عينيه حُلمًا بسيطًا لكنه عزيز.
مصطفى، الشاب العشريني، كان يخرج مبكرًا مع أخيه وابن عمته، يركبون الطريق نفسه، يواجهون تعب الأيام وخطر المهنة، بأمل مشترك في حياة أفضل. سقالات، ومواد بناء، وشمس حارقة، كانت يومياتهم المعتادة، لكنهم لم يتوقفوا يومًا عن الحلم.
في ذلك اليوم المشؤوم، كانت السماء صافية، والريح ساكنة، ولا شيء ينبئ بأن كارثة تلوح في الأفق، وبينما كان مصطفى يعمل على ارتفاع شاهق في أحد المواقع، وقع ما لم يكن في الحسبان، السقالة انهارت فجأة، وانهارت معها شاب في مقتبل العمر.
سقط مصطفى، ومعه أخوه وابن عمته، دقائق قليلة، كانت كافية لتتحول أجسادهم من عمال يصعدون لبناء جدار، إلى أجساد تتألم على أياد المسعفين، تمهيدا لنقلهم إلى مستشفى تلا لكن إرادة الله شاءت أن يتوفى مصطفى ويصاب أخيه وابن عمته.
الخبر انتشر كالنار في الهشيم. أقاربه توافدوا على المستشفى، والدموع في العيون، والحسرة تسبق الخطى.
عاد مصطفى إلى بيته محمولًا، لا كما خرج في الصباح، بل جسدًا بلا روح، وسكونًا خيّم على منزل لم يعتد هذا الصمت.
فقدت أسرته سندًا كان يحملها، وأصدقاءه رفيق درب لا يُعوَّض، وفقدنا جميعًا شابًا بسيطًا لم يطلب الكثير، فقط فرصة آمنة للعمل، بلا خوف من أن يكون يومه الأخير.