أحمد السعدني.. النجم الذي كسر القاعدة ولم يرث المجد بل صنعه

في يوم ميلاده، الأربعاء 16 يوليو، نُسلّط الضوء على فنان اختار طريقًا صعبًا ووعرًا، رغم أن بوسعه أن يسلك أسهل الطرق لم يركب موجة ابن النجم، بل قرر أن يكون أحمد السعدني لا مجرد نجل صلاح السعدني.
في وقت يُراهن فيه البعض على الأسماء اللامعة، راهن "أحمد" على الموهبة والإصرار، فبنى مسيرته بعرق القلب لا بلقب العائلة. اختار أن يُثبت نفسه خطوة بخطوة، من دور صغير في مسلسل "ليالي الحلمية" إلى بطولات تتحدث عنه لا عن نسبه.
بين الصحافة والتمثيل... قلبه اختار المسرح
قد لا يعرف كثيرون أن الحلم الأول للسعدني لم يكن الأضواء، بل الصحافة. كان يتخيل نفسه كاتبًا يحمل قلمه ويسرد القصص، وكتب بالفعل أول مقالاته عن عمه خلال المرحلة الإعدادية. لكن الأقدار أخذته في اتجاه آخر؛ درجاته في الثانوية العامة لم تقوده إلى كلية الإعلام، بل إلى كلية التجارة قسم اللغة الإنجليزية حيث اكتشف أن "الورق مش ورقه، ولا القاعة قاعته".
لكن الفن، كأنه كان ينتظره في الزاوية، ناداه عبر مشهد عابر في "ليالي الحلمية" عام 1995، ليتحول هذا الظهور الخاطف إلى أولى لبنات مشوار طويل مع التمثيل، مشوار لم يُعبّد بالورود، بل بالاجتهاد والتجارب الصعبة.
نكهته الخاصة... ما بين الضحكة والدمعة
أحمد السعدني ليس من أولئك النجوم الذين يكررون أنفسهم، بل يملك قدرة نادرة على التنقل بين الأدوار بسلاسة. في الكوميديا، يلمع بحضوره الخفيف، وفي الدراما يترك أثرًا واضحًا بعمق أدائه.
من "مرجان أحمد مرجان"، و"وش إجرام"، و"ساعة ونص"، إلى "عمارة يعقوبيان"، كان دائمًا يترك بصمته حتى في أصغر الأدوار. أما في الدراما التلفزيونية، فقد أبدع في أعمال مثل: "زهرة وأزواجها الخمسة" و "فرقة ناجي عطا الله" و "شبر ميه" و "سيب وأنا سيب" مع هنا الزاهد، والذي حقق رواجًا ملحوظًا على المنصات الإلكترونية.
خلف الكاميرا... حكاية إنسان
بعيدًا عن الشاشة، واجه السعدني واحدة من أقسى محطات حياته حين فقد زوجته السابقة وأم أولاده، أمل سليمان، في أغسطس 2019 بشكل مفاجئ. لم يُخفِ حزنه، ولم يتوارَ خلف الأقنعة، بل كتب عنها بصدق مؤلم، وشارك جمهوره لحظاته الإنسانية بشجاعة نادرة، هو أب لطفلين، عبد الله وياسين، يحاول أن يكون لهما السند والقدوة، ويوازن بحكمة بين الحياة العائلية ومشاغل النجومية.
حين تتكلم الموهبة.. تصمت الألقاب
أحمد السعدني ليس فقط فنانًا موهوبًا، بل هو درس في الاستقلالية الفنية والنضج الإنساني. لم يُولد نجمًا، بل صار نجمًا. وفي ذكرى ميلاده، نحتفل لا فقط بعمرٍ جديد، بل بمشوار فني وإنساني يستحق أن يُروى.