السعودية تفتح أبواب الاستثمار بتعديلات جديدة… وخبراء يتوقعون انتعاش قطاعي العقار والتمويل

أعلنت هيئة السوق المالية السعودية الخميس الماضي، عن حزمة من التعديلات التنظيمية تهدف إلى تسهيل إجراءات فتح الحسابات الاستثمارية لفئات مختلفة من المستثمرين.
وكان من أبرز هذه التعديلات السماح للمستثمر الأجنبي المقيم في إحدى دول مجلس التعاون الخليجي بالاستثمار المباشر في الأسهم المدرجة بالسوق الرئيسية بدلاً من الاقتصار على أدوات الدين والسوق الموازية ومنتجات الاستثمار الأخرى.
كما قضت التعديلات بأن يظل بإمكان المستثمرين الأجانب الذين سبق لهم الإقامة في السعودية أو إحدى دول الخليج مواصلة تشغيل حساباتهم الاستثمارية والاحتفاظ باستثماراتهم في السوق المالية السعودية حتى بعد عودتهم إلى بلدانهم، شريطة أن يكون قد تم فتح الحساب لديهم خلال فترة إقامتهم.
وقد أكد رئيس هيئة السوق المالية، محمد القويز، أن هذه الخطوة تعزز من انفتاح السوق المالي السعودي دولياً وتبني علاقات استثمارية طويلة الأمد مع فئات أوسع من المستثمرين العالميين في بيئة تنظيمية أكثر مرونة وجاذبية.
إعلام دولي: تمكين الأجانب يعزز العقار ويدعم رؤية 2030
سلطت وسائل إعلام دولية واسعة النطاق الضوء على هذه الإصلاحات ضمن سياق رؤية السعودية 2030 الرامية إلى تنويع الاقتصاد وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وذكرت "رويترز" أن هيئة السوق المالية وافقت على السماح للأجانب بالاستثمار في الشركات المدرجة التي تمتلك عقارات في مكة المكرمة والمدينة المنورة بهدف تعزيز السيولة التمويلية للمشاريع المستقبلية في المدينتين المقدستين.
كما ركزت تقارير أخرى على القرار التاريخي للمملكة بالسماح لغير السعوديين بامتلاك العقارات في مناطق محددة، حيث ذكرت صحيفة العرب نيوز أن مجلس الوزراء أقر نظامًا جديدًا يتيح للأفراد والكيانات الأجنبية امتلاك عقارات في مدن مثل الرياض وجدة بدايةً من يناير 2026 ضمن ضوابط تحمي المصلحة الوطنية.
ونقلت "ذا ناشونال" عن محللين قولهم إن السماح للأجانب بشراء العقارات سيشجع المقيمين والذين يمثلون نحو 40% من السكان،على الاستثمار في سوق العقار السعودي وبناء مجتمعهم الاقتصادي داخل البلاد.
وفي تقارير آخر، أشارت شبكة ( CBNME) التلفزيونية، والمهتمة بقطاع البناء والتشييد في منطقة الشرق الأوسط، إلى أن القانون الجديد يعد نقطة تحول تاريخية في سياسة الاستثمار العقاري للسعودية وجزءاً رئيسياً من مبادرات رؤية 2030 لاستقطاب رؤوس الأموال وتنويع الاقتصاد.
كما نقلت العديد من وسائل الإعلام الدولية والإقليمية عن مسؤولين سعوديين وخبراء أنهم يتوقعون أن تسهم هذه الخطوات في زيادة المعروض العقاري وتحقيق استقرار في سوق الإسكان مع الالتزام بحماية مصالح المواطنين.
خبراء: التعديلات تعزز جاذبية السوق وتنعش العقارات والتمويل وتخلق وظائف جديدة
ويتفق معظم خبراء الاقتصاد والاستثمار على أن الإصلاحات الجديدة ستعزز من جاذبية السوق السعودية للمستثمرين الأجانب وتزيد من نشاطها الاقتصادي، حيث أكدت هيئة السوق أن التغييرات التنظيمية من المتوقع أن تجذب مزيداً من الاستثمارات الأجنبية، وتعزز من سيولة السوق، وتسهم في دعم الاقتصاد المحلي.
ويرى خبراء في قطاع العقار والمصارف أن فتح الملكية الأجنبية سيؤدي إلى زيادة المعروض السكني والتجاري ورفع جودة المشاريع التنموية، نظراً لجذب شركات تطوير عقاري واستثمار عالمي جديد.
كما تشير توقعات المحللين إلى أن البنوك التمويلية وشركات الإنشاءات والإنشاءات ستستفيد من هذه الخطوة، حيث سيزيد الطلب على التمويل العقاري ومواد البناء لاستيعاب النمو المتوقع في قطاع الإسكان.
وعلى المدى الأوسع، يعتقد خبراء أن الإجراءات ستدعم تحقيق أهداف رؤية 2030؛ فقد أشار محللو (ذا ناشونال) الإمارتية، إلى أن السماح للأجانب بامتلاك العقارات سينشط النمو الاقتصادي غير النفطي ويخلق فرص عمل إضافية في قطاعات متعددة.
باحثة اقتصادية: التعديلات تعزز ثقة المستثمرين وتنعش قطاعي العقارات والتمويل
وفي هذا الإطار، ترى رضوى محمد، الباحثة الاقتصادية، ورئيس وحدة الدراسات المصرية بمركز رع للدراسات الاستراتيجية، أن التعديلات المعلنة، وفق تصريح الهيئة، ستجذب مزيداً من رؤوس الأموال الأجنبية إلى السوق السعودية وتزيد من السيولة الاستثمارية، وهو ما يسهم في رفع كفاءة السوق وتنشيط حركة التداول.
وأضافت "محمد" في تصريحات لـ "النهار"، أن فتح الأسواق أمام فئات جديدة من المستثمرين الخليجيين والأجانب يعزز من مكانة السوق السعودية دولياً ويدعم ثقة المستثمرين على المديين المتوسط والطويل، إذ تتماشى التعديلات مع التوجه نحو جعل السوق السعودية وجهة استثمارية رائدة في المنطقة، وتمنحها ميزة تنافسية في أسواق المال، خاصة من حيث حرية الدخول ومرونة التشغيل والحوكمة.
وتؤكد الباحثة أنه من شأن هذه التعديلات دعم نمو الشركات المدرجة، فمع توسيع قاعدة المستثمرين تزداد فرص الشركات المدرجة في السوق الرئيسية؛ لجذب تمويل مباشر، وتحسين تقييماتها السوقية، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على توسعها ونموها الاقتصادي.
وتوقعت رضوى محمد، أن سماح الأجانب بالشراء في الرياض وجدة سيزيد المعروض العقاري ويحفز مشاريع تطوير جديدة لتلبية الطلب المتنامي.
وقالت إن بنوك التمويل العقاري وشركات مواد البناء وشركات الإدارة العقارية ستستفيد جميعها من ارتفاع أنشطة الإقراض والبناء، مما ينعكس إيجابياً على النمو المحلي.
ويتضح مما سبق، أن حزمة الإصلاحات الجديدة التي أقرتها هيئة السوق المالية السعودية ستدعم نمو السوق المالية والعقارية بالمملكة على السواء، ملبية بذلك أهداف تنويع الاقتصاد وجذب المستثمرين التي تشكل لب رؤية 2030.