الهضبة يستعيد بريقه بـ «ابتدينا»

حين يتوقف الزمن عند صوت، وتتحول الأغنية إلى مشروع استراتيجي، نعرف أن الحديث عن عمرو دياب. ألبومه الجديد "ابتدينا" لا يبدو كعودة فنية فقط، بل كخطوة محسوبة في سباق لا يُترك فيه شيء للصدفة. هذه المرة، لا يظهر دياب وحده، بل خلفه طابور طويل من الأسماء اللامعة في الكتابة والتلحين. فهل يُعيد الهضبة تشكيل نجاحه عبر هذه الشراكات؟ أم أن صوته وحده ما زال كافيًا ليصنع الفارق ويقود المشهد؟
كشف الناقد الموسيقي مصطفى حمدي لـ "النهار " أن ألبوم "ابتدينا" يؤكد أن عمرو دياب لم يعُد يعتمد فقط على حضوره الجماهيري، بل أصبح يُفكّر بعقلية المنتج الذي يُدير مشروعًا متكاملًا.
لذلك الاختيارات في هذا الألبوم ليست عشوائية، بل تعكس وعيًا كبيرًا بمزاج الجمهور وسرعة تغيّر ذوقه. دياب يدرك أن البقاء في الصدارة لا يعتمد فقط على ما يُغنّى، بل على متى وكيف يُقدّم هذا الغناء. لذلك جاء الألبوم وكأنه خريطة فنية مُحكمة، تتقاطع فيها الأدوار بين الكلمة واللحن والصوت، لكن تحت قيادة واحدة تعرف تمامًا إلى أين تتجه.
أما الناقد الموسيقي والأكاديمي د. أشرف عبدالرحمن، فيصف الألبوم بأنه يمثل حالة من الإدارة الفنية المحكمة، التي تكشف عن انتقال عمرو دياب من كونه مطربًا إلى كونه عقلًا منظّمًا للمشهد. مضيفاً: أن
دياب لا يترك شيئًا للمصادفة، من توزيع الأغنية إلى توقيت طرحها. هناك وضوح في الرؤية، وانضباط في البناء. هو لا يبحث عن التجديد لمجرد التجديد، بل يقدّم تطورًا محسوبًا، يواكب السوق ويصون هويته في آنٍ واحد.
ويؤكد الناقد محمد شميس أن الجانب التقني في "ابتدينا" هو أحد أقوى عناصر الألبوم، ويعكس إشرافًا دقيقًا من دياب نفسه فنحن أمام ألبوم صُنع بعناية، من حيث الصوت والنقاء والتوزيع. لكن الأهم هو أن عمرو دياب يبدو حاضرًا في كل تفصيلة، وكأن كل أغنية خرجت من تحت يده مباشرة. لم يعد الغناء وحده هو ملعبه، بل بات يقود العملية الإنتاجية برؤية متكاملة، وهذا ما يمنحه الثبات في مشهد يتغير بسرعة.
وهكذا، لا يبدو "ابتدينا" مجرد ألبوم جديد في مسيرة عمرو دياب، بل تجسيدًا لمرحلة يُعاد فيها تعريف النجومية من خلال وعي فني متكامل. فالصوت، مهما بلغ من التأثير، لم يعُد كافيًا وحده لصناعة النجاح. ومع فريق مدروس وتخطيط محسوب، يؤكد دياب أن البقاء في القمة لا يتحقق بالصدفة، بل بإدارة تُجيد قراءة السوق، وموهبة لا تتوقف عن التطور.