ثلاث ركائز تشكل حكومة المستقبل في الإمارات 2031.. تعرف عليها

في خطوة لافتة ترسم ملامح حكومة المستقبل، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، أمس السبت، عن إطلاق الدورة الجديدة من الخطة الاستراتيجية للحكومة الاتحادية 2031.
ويأتي ذلك بتوجيهات من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، في مسعى لتأكيد التزام الإمارات برؤيتها الطموحة "نحن الإمارات 2031" وإرساء نموذج إداري أكثر مرونة وذكاءً، قادر على مواكبة المتغيرات العالمية المتسارعة.
وتركز الخطة التي تشارك فيها 38 جهة اتحادية، على ثلاثة محاور رئيسية: توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل كامل في التخطيط الحكومي وتحليل البيانات، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتحقيق كفاءة مالية عالية.
وتأتي الخطة في سياق سعي الإمارات إلى بناء حكومة قادرة على التكيف مع المتغيرات العالمية المتسارعة، عبر تقليص الدورة التخطيطية من خمس سنوات إلى ثلاث، في تحرك يعكس توجهًا إماراتيًا جادًا نحو ما يسمى بـ "الحوكمة المرنة".
حكومة مرنة وذكية بثلاث ركائز
وتتأسس الخطة على ثلاثة محاور رئيسية تمثل ركائز أساسية للتحول الحكومي المرتقب، أولها، توظيف الذكاء الاصطناعي في التخطيط الحكومي، حيث تستهدف الخطة الاعتماد بنسبة 100% على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بحلول عام 2031.
وتعد استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، التي أطلقت عام 2017، الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، وتوجه بتطوير الاستراتيجيات الحكومية باستخدام حلول تكنولوجيا المستقبل.
ويعتمد هذا التوجه على مفهوم "الذكاء الاستراتيجي"، الذي يشمل التحليلات المتقدمة والبيانات الدقيقة وأدوات التنبؤ المستقبلية، وهو ما يمكن صناع القرار من اتخاذ قرارات استباقية وفعالة.
أما المحور الثاني الذي تتأسس عليه الخطة فهو تبسيط الإجراءات والمتطلبات الإدارية، حيث تهدف الخطة إلى تخفيف اللوائح، وضمان انسيابية الإجراءات والمعاملات، وتقليص الوثائق المطلوبة، وتبسيط إجراءات تقديم الخدمات.
كما يعد تقليص مدة الدورة التخطيطية من خمس إلى ثلاث سنوات جزءاً لا يتجزأ من هذا الهدف، وهو ما يعكس فهمًا لأهمية مواكبة المتغيرات العالمية المتسارعة وتحقيق أعلى درجات المرونة والتحديث المستمر، ويمثل هذا التبسيط عامل تمكين للابتكار والتركيز الاستراتيجي على المشاريع الكبرى.
أما الركيزة الثالثة، فهي تحقيق كفاءة مالية أعلى للحكومة الاتحادية، إذ تركز الخطة على الاستغلال الأمثل للموارد البشرية والمالية والتقنية المتاحة من خلال الذكاء في استخدام الموارد واعتماد التخطيط الذكي.
وتتماشى مشاريع وزارة المالية في الإمارات مع هذه الرؤية، مثل لوحة بيانات الاقتصاد الكلي والمالية العامة التي تربط الأنشطة الاقتصادية والسياسات الحكومية بتغير المناخ والبيئة، وبالتالي فإن ذلك يعكس توجهًا نحو الاستدامة.
إدارة حديثة للدولة
وفي السياق الإقليمي الذي يشهد تحولات متسارعة في مجال التحول الرقمي، تعد الإمارات نموذج متقدم في توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في إدارة الدولة، فإذا كانت السعودية قد ركزت في "رؤية 2030" على رقمنة شاملة للخدمات الحكومية، واعتمدت قطر على مشروعات استراتيجية ضخمة مثل "الفنار" لتعزيز السيادة الرقمية، فإن الإمارات تتبنى نهجًا يجمع بين الطموح التقني وسرعة التحديث، عبر أدوات تخطيط قصيرة المدى ذات استجابة سريعة.
وتعد هذه التجارب الخليجية المتقدمة فرصة مهمة للدول العربية، خاصة في شمال أفريقيا، للاطلاع على نماذج إصلاح إداري وتنموي قريبة ثقافيًا وواقعيًا، بعيدة عن النماذج الغربية البحتة.
وقطعت مصر شوطًا كبيرًا في مجال الرقمنة من خلال منصتها الرقمية التي تقدم مئات الخدمات، وتبنيها لبنك رقمي حكومي، إلى جانب برامج تدريب متقدمة لموظفي الجهاز الإداري.
وفي ضوء ما سبق، أصبح التحول الرقمي ضرورة استراتيجية لأي دولة تطمح إلى تحسين خدماتها، وتعزيز تنافسيتها، وخلق فرص عمل جديدة.
ولا شك أن تجربة الإمارات تقدم للدول العربية، نموذجًا يمكن تكييفه وفق الخصوصيات الوطنية، للاستفادة من الذكاء الاصطناعي، وتطوير الحوكمة الرقمية، وتحقيق تنمية أكثر عدالة وفاعلية.