النهار
جريدة النهار المصرية

فن

في الذكرى الخامسة لرحيلها... رجاء الجداوي أيقونة الأناقة التي خلدها الفن

رجاء الجداوي
بسمة رمضان -

في الخامس من يوليو 2020، صمتت واحدة من أجمل الأصوات الهادئة في الوسط الفني المصري، ورحلت الفنانة رجاء الجداوي عن عمر ناهز 85 عامًا، بعد معركة شجاعة ضد فيروس كورونا. ورغم مرور خمس سنوات على غيابها، لا تزال سيرتها حية، وصورتها تملأ الشاشات والقلوب، وأعمالها تبث الحياة في كل مشهد تظهر فيه.


من منصّات الأزياء إلى قلوب الملايين

ولدت نجاة علي حسن الجداوي، المعروفة فنيًا باسم "رجاء الجداوي"، في 6 سبتمبر 1934 بمحافظة الإسماعيلية، وتربت على يد خالتها الفنانة الشهيرة تحية كاريوكا التي كانت لها أثر كبير في تكوين شخصيتها.

بدأت حياتها المهنية كعارضة أزياء، وكانت من أوائل المصريات اللاتي دخلن هذا المجال، وتُوّجت بلقب ملكة جمال القطر المصري عام 1958، ما فتح لها أبواب الفن والنجومية.

تحوّلت سريعًا إلى التمثيل، وأثبتت موهبتها الكبيرة في أولى تجاربها، لتستمر مسيرتها على مدى أكثر من ستة عقود من العطاء الفني.

مسيرة فنية حافلة… من الشاشة الكبيرة إلى القلوب

رجاء الجداوي لم تكن فنانة عادية، بل كانت صاحبة حضور لا يُخطئه المشاهد تنقلت بين أدوار الفتاة الأرستقراطية، والأم الحنونة، والسيدة الجذابة، بخفة وذكاء لا يملكه سوى الكبارلذلك تميّزت بقدرتها على أداء الشخصيات المختلفة ببساطة وصدق، ما جعلها محبوبة من جمهور كل الأعمار، ولم تفقد يومًا احترامها لمهنتها أو لجمهورها.

من أبرز أفلامها:

دعاء الكروان – بدايتها الحقيقية مع فاتن حمامة

إشاعة حب – مع عمر الشريف وسعاد حسني

حدوتة مصرية – علامة في أفلام يوسف شاهين

البيه البواب – قدمت فيه شخصية لا تُنسى

تيمور وشفيقة، كركر، المش مهندس حسن، حنفي الأبهة – نماذج من تنوعها الفني

وعلى خشبة المسرح… بريق من نوع آخر

لم تغب عن المسرح، بل لمع اسمها في عروض ناجحة إلى جانب الزعيم عادل إمام، مثل: الواد سيد الشغال و الزعيم بالإضافة إلى: "نصيحة مخلصة للسيدات" و"أدب الجواز"

فقدّمت الكوميديا بذكاء، وفرضت حضورها على الخشبة بحرفية عالية وأداء سلس جعل الجمهور يضحك ويبكي في آن واحد.

رجاء الجداوى.. "سيدة الشاشة الراقية"

لم تكن رجاء الجداوي فنانة فقط، بل كانت سيدة راقية بكل معنى الكلمة. اشتهرت بأناقتها اللافتة، وثقافتها العالية، ولغتها العربية السليمة، ولباقتها في الحوار. امتلكت كاريزما خاصة جعلتها ضيفة محبوبة في البرامج التلفزيونية والمناسبات الثقافية.

وكانت نموذجًا يُحتذى به، حيث حافظت على صورتها النظيفة والمحترمة طوال حياتها، سواء على الشاشة أو خارجها.

وداع مؤلم... ورحيل في زمن الجائحة

في يونيو 2020، أُصيبت رجاء الجداوي بفيروس كورونا أثناء تصوير أحد الأعمال، وتم نقلها إلى مستشفى العزل الصحي بمحافظة الإسماعيلية. وعلى مدى 43 يومًا، ظل جمهورها يتابع أخبارها بالدعاء والقلق، حتى جاء خبر وفاتها صباح الأحد 5 يوليو، ليخيم الحزن على الوسط الفني بأكمله.

وقد شُيّعت جنازتها وسط إجراءات احترازية مشددة، بينما امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي برسائل الوداع المؤثرة من فنانين وجماهير في مصر والعالم العربي.

ذكراها لا تموت

تمر اليوم خمس سنوات على غياب رجاء الجداوي، ولا تزال سيرتها العطرة وأعمالها الخالدة تحيا بيننا. لم تكن ممثلة عابرة، بل رمزًا لزمن جميل، وفن نقي، وشخصية مميزة يصعب تكرارها. في عالم يمضي سريعًا، نادرًا ما يترك الراحلون أثرًا لا يُمحى. لكن رجاء الجداوي، بموهبتها وإنسانيتها، تركت بصمة لا تزول. ستظل حاضرة في ذاكرة الفن المصري، وسيرتها نبراسًا للفنانات الشابات.