النهار
جريدة النهار المصرية

ثقافة

معهد وايزمان.. العلم في خدمة الصناعات العسكرية!

معهد وايزمان
محمد هلوان -

نظرة عامة على معهد وايزمان

تأسس المعهد عام 1934 على يد حاييم وايزمان الذي يعتبر أشهر شخصية صهيونية في التراث الصهيوني بعد تيودور هرتزل. حيث يضم المعهد اكثر من 2500 باحث وموظف في أكثر من 30 تخصص يُدربون طلاب الدراسات العليا في مجالات الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء والكيمياء الحيوية وعلوم الحاسوب وغيرها. تُدير شركة ييدا للأبحاث والتطوير، الذراع التجاري للمعهد، ملكيته الفكرية، وقد أعادت مئات الملايين من الدولارات كعائدات.

 حاييم وايزمان

مع ذلك يتعاون معهد وايزمان بشكل وثيق مع قطاع الدفاع في إسرائيل. ويحافظ على علاقات تعاون وثيقة مع شركات عسكرية متعاقدة مثل إلبيت سيستمز ورافائيل في تطوير تقنيات عسكرية متقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات القتال، والطائرات بدون طيار، ووسائل الحرب الإلكترونية، والاتصالات المشفرة، وأنظمة الملاحة البديلة بنظام تحديد المواقع العالمي. هذا وغيره من المجالات المشابهة ذات الاستخدام المزدوج بين العلوم المدنية وصناعة وتطوير الأسلحة.

وايزمان

دوره في البرنامج النووي الإسرائيلي

منذ إنشائه، لعب معهد وايزمان دورًا فاعلًا في دعم البرنامج النووي الإسرائيلي السري. وكان العديد من علماء مفاعل ديمونا النووي من خريجي المعهد أو أعضاء هيئة التدريس فيه. تُشكل بنيته التحتية البحثية وخبرته العلمية العمود الفقري للبحث والتطوير النووي في إسرائيل، والذي لا يزال سرًا. لطالما أيد المجتمع العلمي في المعهد تقديم الخدمات الاستشارية لأجهزة الأمن الإسرائيلية، بما في ذلك الموساد والجيش الإسرائيلي في المشاريع النووية والعسكرية الاستراتيجية. وقد وضع هذا الارتباط الوثيق معهد وايزمان على صلة مباشرة بأعمال الأمن القومي الإسرائيلي، وبالترسانة النووية المثيرة للجدل - التي لم يُقر أحد رسميًا بوجودها في إسرائيل، ولكن ربما يتفق الجميع على ذلك.

شركة إيليت للصناعات العسكرية

الأهمية الاستراتيجية والتطورات الأخيرة

لا يُعد معهد وايزمان مجرد جامعة، بل ركيزة أساسية في المجمع العسكري والصناعي الإسرائيلي. خريجوه ينضمون إلى صفوف وحدات النخبة مثل الوحدة 8200، أبرز وحدات استخبارات الإشارات والحرب السيبرانية في إسرائيل، وبرنامج "تلبيوت"، الذي يُدرب أفضل العقول في الجيش الإسرائيلي في العلوم والتكنولوجيا. وتعززت الأهمية الاستراتيجية للموقع عندما أصابت صواريخ باليستية إيرانية أراضي المعهد في 15 يونيو 2025، مما أدى إلى تدمير عدد من المباني والمختبرات. وقد وجه الهجوم ضربة قاصمة للأبحاث والبنية التحتية النشطة، مما أدى إلى توقف العمل الحيوي في ما لا يقل عن اثني عشر مشروعًا يمولها مجلس البحوث الأوروبي. وتشير التقديرات الداخلية إلى أن تكلفة الإصلاحات قد تصل إلى 500 مليون دولار. وقد تم تعليق الأبحاث، ولجأ العاملون إلى منازلهم. ويرى المحللون أن الهجوم يمثل تصعيدًا رمزيًا وتكتيكيًا في الصراع الأوسع والغامض بين إيران وإسرائيل، حيث أصبح "العقل المدبر" وراء التفوق العسكري والنووي الإسرائيلي هو الهدف. وقد كشف الهجوم عن ثغرات في المجمع العلمي العسكري الإسرائيلي، وحمل رسالة واضحة حول المخاطر التي تواجه المؤسسات المشاركة في البرامج العسكرية.

العدوان الإسرائيلي وتداعياته الإقليمية

على الرغم من شهرة معهد وايزمان للعلوم بإنجازاته العلمية، إلا أنه يعمل في ظل سياسة الغموض النووي الإسرائيلية. فإسرائيل تتبع سياسة عدم تأكيد أو نفي امتلاكها أسلحة نووية، والتزمت الصمت حتى في ظل سعي دول أخرى في المنطقة علنًا لامتلاكها، وهو موقف قد يُسيء إلى الجهود الدولية لمنع الانتشار النووي. يُعد هذا الصمت استراتيجيًا أيضًا نظرًا لوجود منشآت مثل وايزمان، التي ساهمت بشكل كبير في تطوير المشروع النووي الإسرائيلي الذي يجهله الرأي العام الإسرائيلي.

الوحدة 8200

ورغم الأدلة الدامغة من الاستخبارات والمُبلغين عن المخالفات، رفضت إسرائيل السماح بالشفافية أو تحمل مسؤولية عملها النووي. هذا الموقف المُتقاعس يُغذي التوترات الإقليمية، حيث ترى إيران ودول أخرى في المنطقة بشكل متزايد تهديدًا نوويًا مُتزايدًا ودون عوائق. وبإخفاء مشاركة وايزمان في الأبحاث النووية، فإننا لا نُخفي أهداف إسرائيل العسكرية فحسب، بل نُصعّب السعي إلى شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية. بصمتها على سلوكها النووي، تتخطى إسرائيل أعراف السلوك الدولي، ولا تؤدي إلا إلى مزيد من العداء والاستياء. إلا أن الضربة الصاروخية الإيرانية التي نفذها معهد وايزمان تُمثل مواجهةً ليس فقط مع القوة العسكرية الإسرائيلية، بل أيضًا مع ثقافة الإنكار التي تُبقي على عدم الاستقرار الإقليمي وتُفاقمها.

معهد وايزمان