النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

بعد قصف مفاعل ”بوشهر”... العدوان الإسرائيلي على إيران ينذر بكارثة بيئية في الخليج

مفاعل بوشهر النووي
علي عبدالجواد -

في أعقاب استهداف مفاعل بوشهر النووي خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على إيران، باتت دول الخليج في مواجهة سيناريو خطير يثير مخاوف بيئية واسعة، حيث حذر خبراء دوليون من أن أي ضربة إضافية لمفاعلات إيران النووية قد تفاقم الأزمة وتؤثر على دول الخليج المجاورة لإيران، لاسيما إذا تسربت مادة إشعاعية إلى هذه الدول.

وتشير تقديرات خبراء إلى أن المخاطر البيئية والصحية جراء تسرب أية كميات إشعاعية من مفاعل بوشهر كبيرة جداً؛ فقد حذر مسؤولون روس سابقًا في تصريحات لوكالة "رويترز" من أن ضرب المفاعل قد يسبب كارثة شبيهة بـ "تشرنوبل" ، نظراً لاحتواءه على مخزون من الوقود النووي.

خطر إشعاعي محتمل يهدد أكثر من 18 مليون خليجي

ويعد مفاعل بوشهر الذي أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفه ضمن المواقع النووية الإيرانية، المدعوم تقنيًا من روسيا، المحطة النووية الوحيدة لتوليد الكهرباء في إيران، وتقع قرب الخليج العربي، ما يزيد من احتمال انتقال الإشعاعات إلى دول الخليج المجاورة في حال حدوث تسرب.

وتشير التقديرات العلمية إلى أن الرياح والأمطار قد تنقل الجسيمات المشعة من بوشهر إلى الكويت والسعودية والإمارات وقطر والبحرين، التي تعتمد بشكل شبه كلي على مياه الخليج المحلاة، وأن أي تسرب إشعاعي قد يؤدي إلى تلوث المياه والثروة السمكية، ويهدد صحة أكثر من 18 مليون شخص على ضفاف الخليج.

وتؤكد التجارب السابقة، ككارثة تشيرنوبل، أن آثار التسرب الإشعاعي قد تمتد لآلاف الكيلومترات وتستمر لعقود، كما حدث في النرويج والسويد حيث ظلت اللحوم تخضع لفحوص إشعاعية حتى عام 2019. التلوث النووي لا يقتصر على اللحظة، بل يزرع خطرًا دائمًا في التربة والمياه والغذاء.

وقد دعا قادة الخليج، وفي مقدمتهم قطر والكويت، لوقف استهداف المنشآت النووية، كما أعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي تفعيل مركز الطوارئ الخليجي تحسبًا لأي كارثة بيئية أو إشعاعية.

وفي السياق، شددت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وموسكو على أن استهداف المفاعلات النووية يهدد الاستقرار الإقليمي ويتطلب تحركًا عاجلًا من مجلس الأمن.

دراسة تحذر: إشعاعات السيزيوم قد تلوث مياه الخليج

وأظهرت دراسة علمية متخصصة نشرها معهد (MDPI) السويسري، بعنوان "التلوث طويل الأمد للخليج العربي نتيجة حوادث افتراضية في محطات الطاقة النووية"، أن أكثر عناصر إشعاعية (مثل السيزيوم المشع) قد تنتقل مع الرياح والأمطار إلى مياه الخليج العربي، مع تركيزها الأقصى في الزاوية الشمالية الغربية منه قرب ساحل الكويت.

وقدرت الدراسة أن تناول المأكولات البحرية الملوثة قد ينقل إلى الإنسان جرعات إشعاعية سنوية تزيد على 1 مليسيفرت، وهي جرعة مرتفعة نسبياً مقارنة بالمعايير الصحية، كما يخشى الخبراء أن يؤدي ذلك إلى تلوث الثروة السمكية ومياه الشرب الناتجة عن التحلية، ما يهدد مباشرة صحة الملايين في المنطقة.

مفاعل بوشهر النووي

ويعد مفاعل بوشهر النووي، أو ما يعرف بمحطة بوشهر الكهروذرية، أول منشأة نووية لتوليد الكهرباء في إيران، وأقدم مشروع نووي في التاريخ الحديث، إذ استغرق إنجازه نحو 35 عامًا منذ التخطيط وحتى التشغيل.

ويقع المفاعل على الضفة الشمالية للخليج العربي في مدينة بوشهر، ويعد كذلك أول محطة نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية في الشرق الأوسط، رغم أن المنطقة شهدت قبل ذلك إنشاء مفاعلات بحثية في كل من إيران والعراق وسوريا وإسرائيل.

وينتمي المفاعل إلى فئة مفاعلات الماء المضغوط بقدرة إنتاجية تبلغ 1024 ميغاوات، وقد تولت شركة "أتوم ستروي إكسبورت" الروسية الإشراف على تنفيذه كمقاول رئيسي.

روسيا تحذر

وبعد أن أعلن متحدث عسكري إسرائيلي صباح اليوم، الخميس، قصف جيش الاحتلال مواقع نووية في بوشهر وأصفهان ونطنز، ومواصلته استهداف منشآت أخرى، في تصعيد خطير يهدد بتفاقم الأزمة، طالبت روسيا بوقف فوري للغارات الجوية الإسرائيلية على مفاعل "بوشهر" النووي، مشيرة إلى وجود خبراء روس يعملون في الموقع، كما وجهت تحذيرًا جديدًا للولايات المتحدة من عواقب أي تدخل عسكري مباشر في الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران.