حلم كبير وسقف خان الأمان.. قصة سمير طالب الثانوية العامة ضحية عقار السيدة زينب الذي توفى والكتاب بيده

في هدوء ليلة مذاكرة، وبين كتب ملونة بكلمات الأمل وكشاكيل مرسوم عليها حلم الجامعة، جلس "سمير" طالب الثانوية العامة يراجع دروسه استعدادًا لامتحان يوم الأحد، لكن لم يكن يعلم أن هذا اليوم لن يأتي أبدًا.
دقائق قليلة كانت كافية لانهيار سقف الحلم على رأس صاحبه، في واقعة مأساوية شهدتها منطقة السيدة زينب.
سمير، ابن الثامنة عشرة، كان شابًا بسيطًا، يحمل على كتفيه آمال أسرته، ويضع مستقبله في كفة أمله بالنجاح.
لم يعرف سوى طريق البيت والدروس، ولم يكن له في الدنيا سوى هدف واضح: "يدخل كلية كبيرة ويعوض أهله تعب السنين".
كل من عرفه وصفه بالشاب الخلوق المؤدب، لا يمر في الشارع دون أن يُلقي السلام على الكبار والصغار، وابتسامته لا تغيب عن وجهه، حتى في عز التعب والمذاكرة.
مع دوي انهيار العقار القديم، ساد الذعر أرجاء المنطقة، وركض الجيران لإنقاذ من يمكن إنقاذه، تتردد الأسماء وسط الصرخات، وكان من بينها اسم "سمير"، الذي لم يصدق أحد أن جسده بات أسير الأنقاض، بينما حلمه كان معلقًا في كراسات المراجعة.
أمام مشرحة زينهم، وقفت والدة سمير لا تقوى على الكلام، تصرخ بدموع لا تجف قائلاً:"كان بيذاكر وبيقولي هنجح السنة دي، كنت بحلم أفرح بيه، وكنت عايزة أشوفه عريس مش ملفوف في كفن"، قبل أن تسقط مغشيًا عليها وسط محاولات أهلها لمواساتها.
أما والده، فكان الصمت لغته الوحيدة، يمسك صورة قديمة لسمير في زي المدرسة، يهمس بدعاء يقطع القلب: "يا رب خده في رحمتك.. عمره ما زعل حد".
الجنازة كانت أشبه بمظاهرة حزن، ودّعه الجيران وأصدقاؤه، وقلوبهم معلقة بكلمة "ليه؟"، و صفحات مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت برسائل وداع من أصدقاء دربه، كتب أحدهم:"سمير كان نفسه يفرح أمه وأبوه، عمره ما زعل حد وكان نفسه يدخل كلية كبيرة".
قصة "سمير" لم تكن مجرد خبر عن انهيار عقار، بل كانت رواية عن حلم مات قبل أن يولد، عن شاب قتلته عشوائية البناء وأحلام لم تأخذ فرصتها في الحياة.