النهار
جريدة النهار المصرية

ثقافة

أستاذ الفكر الشرقي: ليس لدينا تواصل جيد بالثقافة الإيرانية.. الجغرافيا ليس عذر او حائل للتواصل الثقافي

أ.د هالة ابو الفتوح - استاذة الفكر الشرقي بكلية الأداب جامعة القاهرة
محمد هلوان -

الصراع الإيراني الإسرائيلي الذي طرأ مؤخراً، حتى وان كان له دلالات على حدوثه، أظهر جوانب أخرى من المشكلة، منها عدم التعرف بشكل جاد على الفكر الإيراني القديم والحديث، ومدى أرتباطه بدول الجوار العربي، فضلاً عن وجود دعوات شعبية للتأييد والرفض للأحداث الحالية، فحاولنا بقدر الإمكان الأستماع لرأي متخصصين تجاة نقاط أساسية ومركزية، نستطيع من خلالها فهم أوجه الصراع لمحاولة تفاديه مستقبلاً عن طريق تحليله وفهمه.

في هذا الاطار حاورنا الدكتور هالة ابو الفتوح أستاذ الفلسفة والفكر الشرقي بكلية الاداب بجامعة القاهرة لفهم أبعاد اخرى بعيداً عن الشق السياسي الإجرائي والأستراتيجي العسكري المتصدر الساحة حالياً.

د هالة أبو الفتوح

  • ما سبب انعزال ايران عن العالم العربي.. أهي اللغة ام الجغرافيا ام القطيعة بشقيها المعرفية والسياسية؟

لا اعتقد ان اللغة او الجغرافيا ممكن ان تكون حائل، لكن القضية اتية من عمليات التشوية التي تتم للشيعة وتصوير ايران واستخدام كلمات مثل؛ الفُرس، والمجوس، وعبدة الشيطان الموجودة لدى بعض العقليات. واعتقد ايضاً ان اللغة ليست حائل بحد ذاتها؛ لأن الكثير من الفرس يتقنون اللغة العربية، بدليل وجود العديد من علماء الدين والمفسرين الذي يتقنون اللغة العربية، فربما تكون القضية الدينية هي السبب الأساسي.

يحضرني خطاب السادات وكيف أشاد بالدور الإيراني في حرب 73، عندما ساند شاه ايران مصر في إمدادها بالبترول في وقت الحرب، وهذا دليل على ان الجغرافيا ليست حائل.

هالة ابو الفتوح

  • ما سبب عدم وجود مكتبة إيرانية او الفارسية في العالم العربي

هذا سؤال مهم للغاية، فمن الممكن ان يكون قسم اللغة الفارسية لا يدرس او يتطرق الا لمجرد اللغة وبعض الادب والقصص القصيرة والأشياء السطحية ربما خوفاً من التعرض للمسائلة. نحن نعمل في الفكر اليهودي بشكل ممتاز، مثل الدكتور يحيى هويدي الذي ألف وترجم العديد من الكتابات في الفكر اليهودي والشريعة اليهودية. لكن فعلاً صُدمت عندما لم أجد متخصصين في اللغة الفارسية لم يهتموا بالدراسات في الفكر القديم. حتى على الأقل نعرف اذا كان زرادشت موجود فعلياً ام لا، وما هي أبعاد حضوره!

وأضافت: قسم لغات شرقية والشعبة المتخصصة باللغة الفارسية ليست لديها تواصل جيد بالتراث الإيراني القديم، فوجئت بان ليس هناك من يستطيع قراءة النصوص باللغة القديمة. لكن اللغة الحديثة يتم تعلمها وأستخدامها، وان كان لا يتم التطرق للفكر والفلسفة على عكس الروايات والادب بغرار اقسام اللغات الاوروبية مثل الألمانية والأنجليزية والفرنسية. فيتم دراستها – فقط - من حيث التكوين واللغة اكثر منها الفكر والثقافة للأسف.

محمد عثمان الخشت

  • في رأيك ما أسباب القطيعة المعرفية ودعوات الحوار والتقارب الغير مكتلمة؟

طالما مازلنا ننظر نفس النظرة لإيران والتي أعتدناها منذ عقود بأعتبارهم فرس او عرق أدنى او بأنهم فرقة خارج مله الأسلام فلن يحدث تغيير، وبتتبع الرأي العام الشعبي نرى تخلف في العقلية العربية تجاه الفكر الفارسي والإيراني.

د هالة: "النبرة التي ظهرت منذ ايام من بداية الصراع الإيراني الإسرائيلي والتي أتخذت موقف الشماتة للجانبان ما هو إلا موقف سلبي لتجميد العقل العربي، وحصره في عدم الأنفتاح تجاه ثقافة، وحضارة، وقوة إستراتيجية، واقتصادية بالمنطقة، حيث اننا لا نُعرف الشيعة كأحد الفرق الأسلامية أو باعتبارهم حتى كمسلمين، لا نعرف عنهم الا انهم يكرهون بعض الصحابه ويسبونهم، فنحن من نبدأ بتلك القطيعة.بأتباع الرأي السائد دون دراسة وفهم حقيقي من الداخل."

علي مبروك

  • يعض الأراء المتداولة تقول ان العقلية الإيرانية المعاصرة قائمة على نماذج التضحية وصناعة رموز.. كيف يتم ترسيخ نموذج المظلومية

عن موضوع إقامة نماذج التضحية وإقامة رموز.. هل هذا الموضوع يخص الفرس فقط؟ فكرة التضحية وصناعة رموز للتضحية أهو موجود فقط لدى ايران؟ اعتقد ان فكرة صناعة شخصيات رمزية ترتبط بكل مذهب ودين. على سبيل المثال زرادشت ذاك الضحية ،والذي اصطدم بالعقل الجمعي لمحاولته توصيل رسالته، فهل يُمكن ان يكون ذلك اساس الفكرة نفسها، ام انها فكرة تولدت عبر مسار التاريخ؟ لا استطيع الإقرار بوجود مظلومية بشكل تام، ولكن استطيع ان أوكد بوجود فكرة التضحية والإنكار والظلم والأضطهاد ومحاولة الطمس والمحو - مثل فكرة النبي في قومه-، كما يوضح زرادشت في نصه الأفستا، فهو يواجه عقليه متعصبة لديها مجموعة من المعتقدات فيتصدوا له.

جريدة النهار المصرية - محمد هلوان