الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يناقش: “وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ”

في أجواء روحانية عامرة بالعلم والتأمل، وفي رحاب الجامع الأزهر الشريف، انعقد مساء اليوم الاثنين بعد صلاة المغرب الملتقى الفقهي في دورته العشرين تحت عنوان “رؤية معاصرة”، لمناقشة قول الله تعالى: “وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ”، وذلك برعاية كريمة من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، وإدارة الشيخ أحمد الطباخ، مدير المكتب الفني بالجامع الأزهر.
استضاف الملتقى الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، الدكتور علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وعضو لجنة الفتوى الرئيسية، وأمين سر هيئة كبار العلماء
وفي كلمته خلال اللقاء، قال الدكتور ربيع الغفير:
“إن تعظيم شعائر الله ليس مجرد شعور داخلي، بل هو سلوك عملي نابع من صدق التوكل على الله وحسن الإقبالعليه. وإن في شعيرة الحج خاصة من الدروس والعبر ما يعمق في النفس معاني الإيمان والطاعة، ويعيد بناء الإنسانعلى أساس من التسليم واليقين.”
وتناول الغفير فلسفة أركان الحج والحكمة الإلهية منها، مشيرًا إلى أنها ليست طقوسًا شكلية، بل هي مواقف تربوية تهذب النفس وتربي القلب على الطاعة. وقال: “إن في قصة خروج ماء زمزم بركة عظيمة، ودليلًا على أن التوكلالصادق لا يضيع، فقد سعت السيدة هاجر -رضي الله عنها- بين الصفا والمروة، وهي تستحضر يقينها بالله، ولم تكنتعلم من أين يأتي الفرج، فجاءها الماء من تحت قدم رضيعها، وكان ذلك برهانًا على أن التوكل لا يعني السكون، بليعني السعي مع اليقين.”
وأضاف أستاذ اللغويات: “إن تعظيم شعائر الله يثمر في القلب تقوى، والتقوى ليست كلمات تُقال، بل مقام يتحقق،فكلما عظّمتَ أمر الله، زادك الله تقوىً وإيمانًا، ومن ثم فإن الحكمة من الشعائر أن ترتقي بالنفس وتُصلح القلب،وتكون دافعًا لحسن العمل.”
من جانبه، أكد الدكتور علي مهدي على أن تعظيم الشعائر هو باب واسع للخير، وأصل من أصول العبودية، وقال: “إنالامتثال لأوامر الله تعالى والانقياد لشرعه هو عنوان التعظيم الحقيقي، وهو ما يجب أن نغرسه في النفوس، خاصة فيزمن تتعدد فيه التحديات وتتراجع فيه بعض القيم. فإذا أردنا بناء الإنسان من جديد، فعلينا أن نبدأ من القلب، منتقواه وتعظيمه لأوامر ربه.”
وأشاد الدكتور مهدي بعنوان الملتقى قائلًا:
“بداية جديدة لبناء الإنسان.. هذا ما نحتاجه اليوم، أن نعيد تشكيل وجدان الإنسان المعاصر من خلال فهم عميقللشرع، ووعي بأهمية الشعائر كوسيلة للارتقاء الروحي والسلوكي.”
الجدير بالذكر أن الملتقى الفقهي بين الشرع والطب يُعقد أسبوعيًّا مساء كل يوم اثنين عقب صلاة المغرب، في الظلة العثمانية بالجامع الأزهر، ويهدف إلى تقديم رؤى معاصرة تربط بين الفقه الإسلامي والقضايا المستجدة، ضمن سلسلة من الحوارات التي تسعى إلى ترسيخ الوعي الديني الراسخ بالفهم الصحيح للنصوص الشرعية