هل تتراجع الطاقة الخضراء؟ تباطؤ الاستثمارات يثير مخاوف بشأن مستقبل القطاع في 2025

بعد سنوات من النمو المتسارع والتفاؤل الكبير بمستقبل الطاقة المتجددة، يواجه قطاع الطاقة الخضراء تحديات متزايدة في عام 2025 تنذر بتباطؤ قد يبدد بعض الآمال التي عُلقت عليه.
فقد كانت السنوات الماضية بمثابة العصر الذهبي للطاقة النظيفة، حيث اجتذبت استثمارات قياسية وسط توقعات بحدوث “ثورة خضراء” يقودها الابتكار والتدخلات الحكومية السخية، لاسيما في الولايات المتحدة وأوروبا والصين. لكن مؤشرات جديدة بدأت ترسم صورة مغايرة، تُظهر تراجعًا في زخم الاستثمار، وتثير تساؤلات حول استدامة الطفرة الخضراء.
وتشير بيانات حديثة إلى تباطؤ عالمي في تدفقات التمويل الموجهة إلى مشاريع الطاقة المتجددة، على الرغم من تنامي الحاجة إلى مصادر مستدامة في مواجهة التغيرات المناخية المتسارعة وفقاً لـ "أرقام".
هذا الانكماش لم يأتِ فجأة، بل جاء نتيجة مزيج من الضغوط الاقتصادية، وارتفاع تكاليف المواد والتشغيل، وتحديات التمويل، بالإضافة إلى تقلبات السياسات الحكومية، خاصة في سياقات انتخابية معقدة كما هو الحال في الولايات المتحدة.
وبحسب تقرير صادر عن “بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس” في يناير الماضي، فقد سجلت الاستثمارات العالمية في التحول إلى الطاقة منخفضة الكربون رقمًا قياسيًا بلغ 2.1 تريليون دولار في عام 2024، بزيادة 11% عن عام 2023. لكن هذه الزيادة قد لا تستمر بنفس الوتيرة، وسط بوادر التباطؤ التي بدأت بالظهور.
تراجع ملحوظ في الولايات المتحدة
الولايات المتحدة، التي لعبت دورًا محوريًا في دعم التحول الطاقي، تشهد الآن تراجعًا واضحًا في استثمارات الطاقة النظيفة. فقد أظهر تقرير صادر عن “كلين إنفستمنت مونيتور” أن استثمارات القطاع، التي نمت بنسبة 450% بعد صدور قانون “خفض التضخم” عام 2022، بدأت في التراجع خلال 2025.
وخلال الربع الأول من العام الجاري، أُلغيت نحو 16 مشروعًا بقيمة إجمالية تقارب 8 مليارات دولار، وهو أعلى عدد مسجل حتى الآن، بينما تراجع إجمالي الاستثمارات إلى 67.3 مليار دولار، بانخفاض قدره 3.8% مقارنة بالربع السابق، ليواصل الانخفاض للربع الثاني على التوالي.
ويُعزى هذا التراجع إلى حالة من الضبابية السياسية، وضغوط متزايدة لإلغاء أو تقليص الحوافز الضريبية الممنوحة للقطاع، وعلى رأسها الإعفاءات المرتبطة بمشروعات الطاقة المتجددة، مما دفع المستثمرين إلى التريث والتراجع عن الالتزامات طويلة الأجل.
تصحيح مؤقت أم فقاعة خضراء؟
السؤال المطروح الآن: هل ما نشهده هو تصحيح مؤقت بعد طفرة غير مستدامة؟ أم أن القطاع يواجه بالفعل تحديات تهدد بإبطاء مسيرته نحو التحول الكامل للطاقة النظيفة؟
الأسابيع والأشهر المقبلة قد تحمل الإجابة، بينما يراقب المستثمرون وصناع القرار تطورات السياسات الحكومية والظروف الاقتصادية التي ستحدد مصير الطاقة الخضراء في المستقبل القريب.