الدكتور عادل القليعي يجيب للنهار علي السؤال الصعب : لماذا غردت مصر منفردة في بغداد ؟

المحلل السياسي الدكتور عادل القليعي والاستاذ بجامعة حلوان يجيب للنهار عن اصعب استفسار وهو لماذا تغرد القاهرة لوحدها منفردة في قمة بغداد ؟ فإنه ونظرا لخطورة الوضع الحالي في الشرق الأوسط ، وفي المنطقة العربية على وجه الخصوص ، ولا سيما المجازر البشعة التي ترتكب في حق شعب أعزل ، ليس له ذنب إلا أنه متمسك بوطنه لا يريد أن يبيعه أو يفرط في ذرة تراب من أراضيه وهذا دأب الأبطال الذين تجري في عروقهم دماء أصيلة ، نعم دماء أصيلة لا تقبل البيع لو كان الثمن حياتهم.
واشار القليعي إلا أننا تفاجئنا بدعوة العراق لعقد قمة عربية على أراضيها ، ليست قمة طارئة ، وإنما في طور الانعقاد العادي للجامعة العربية القمة الرابعة والثلاثون.
فانتظر الجميع هذه القمة بين مراقب وبين متمن ، وبين شعراء ينسجون من وحي خيالهم ، قمة يتغنون بها آملين في لملمة شمل أمتنا العربية والإسلامية وإقالتها من عسراتها .
لعلها تستفيق قبل فوات الأوان - ولن أكون متشائما إن قلت لقد فات الأوان بالفعل - لماذا لأننا متمسكون بحبل الله المتين وبسنة النبي صل الله عليه وسلم ، يقول الله (كنتم خير أمة أخرجت للناس)، وقول النبي صل الله عليه وسلم (الخير في وفي أمتي إلى أن تقوم الساعة).
فظن بعض الحآلمين أنه سيخرج بيان مشترك يتلوه رئيس دولة العراق رئيس دور الانعقاد الحالي فيقولون مثلا ، اتفقت الدول العربية على إعلان المقاطعة التامة لدولة الاحتلال ، ولا تعامل معها إلا في حالة واحدة هي الاعتراف بدولة فلسطين وعاطمتها القدس وفقا للمعايير والشرعية الدولية.!
وتكوين جيوش عربية موحدة ، قوة ردع للوقوف ضد أي عدوان على مقدراتنا ومقدرات أمتنا العربية والإسلامية ، ليس دفاعا عن فلسطين وحدها ، وإنما الوقوف مع السودان ضد أي فتن تبغي تقسيم أراضيها ، ويساند سوريا في تحقيق وحدتها والقضاء من خلاله على قوى الشر والإرهاب ، والوقوف في وجه الإحتلال الصهيوني وطرده من الأراضي السورية، مرتفعات الجولان.
ليس هذا وحسب ، بل ونزع فتيل الفتنة وإحداث المصالحة بين القبائل الليبية وعدم إعطاء فرصة لأي أحد من استغلال الموارد الليبية.
والتمكين للصومال والوقوف جنبا إلى جنب مع الصومال الشقيق ضد أي محاولات لتقسيمه.
هكذا ما كان يتمناه المتمنون ويحلم به الحآلمون.
لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، ويأتي البيان الختامي مخيبا للآمال ، موقظا الحآلمون على كابوس ، نشجب وندين ، وندعم مبادرة الأردن لرعاية المبتورين ، هل هذا غاية المرام ، اجتمعتم لتصلوا إلى هذه القرارات الخطيرة التي ستدخل بنو صهيون الجحور.
لله درك يا مصر ، أنت الدولة الوحيدة التي أخذت على عاتقك تحمل مسؤولية الأمة بحالها منذ الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين وأنت تكافحين وتنافحين عن حق الشعب الفلسطيني فى الحياة، وإلى الآن ثابتة صامدة.
موقفك لم ولن يتغير ، إيقاف الحرب الهمجية البربرية على غزة ، الوصول إلى وقف إطلاق نار نهائي ، الاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية ، نعم لإعمار غزة ، رفض تام وقاطع لتهجير أهل غزة من أراضيهم ، إنشاء صندوق لدعم عمليات إعمار غزة بمشاركة كل العرب والمسلمين.
قالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صريحة مدوية دون مواربة ، إنه لن يتحقق سلام في المنطقة ولا سلام لإسرائيل إلا إذا اعترف العالم وأولهم إسرائيل والولايات المتحدة بدولة فلسطين ، حتى وإن طبعوا مع كل العرب ، فلن يهنئوا في بيوتهم وسيؤرقون في مضاجعهم
نعم قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي ، لابد أن نلملم شملنا ونجمع شعثنا ونهتم بقضايا أمتنا ، لدينا مشكلات فى السودان والصومال ، وليبيا واليمن وسوريا والعراق، آن الأوان لكي نتحد ولا تنشتت ولا نتشرذم.
أكاد أجزم أنها الكلمة الوحيدة التي وضعت وحددت استراتيجيات للمرحلة القامة ، وأكاد أجزم أنها الكلمة الوحيدة التي أعارها العالم كله انتباهه وترجمت إلى كل لغات العالم ، واستمع إليها ترامب ونتنياهو واللوبي الصهيوني بعناية فائقة.
قالها الرئيس وألقى بها في ملعب العرب جميعا خصوصا عندما أعلن الدعوة إلى عقد مؤتمر عالمي لبحث تداعيات الحرب على غزة لإقرار سلام شامل يشمل الجميع.
قالها الرئيس واستقل طائرته التي تحمل فخر أعلام الدنيا ، العلم المصري فلله درك يا مصر ، لله درك يا فخر العرب.
ويختتم القليعي تصريحاته فشتان بين كلمات وكلمات ، فهناك كلمات لا نعرها أدنى انتباه وهناك كلمات توزن بميزان حساس، يكون لها وقع وتأثير على الجميع ،كلمات لا تحمل مداهنة أو نفاق لأحد ، فلم يذكر فخامة الرئيس المقاومة بسوء ولم يقل عليها تسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية ، وإنما قال شعب غزة له حق مشروع فى الدفاع عن نفسه، ضد آلة الحرب الفتاكة التي لم تبق جحرا على حجر وروعت الآمنين حفظ الله مصر وشعبها وقادتها.