النهار
جريدة النهار المصرية

عقارات

”من يدفع الثمن؟.. مشروع قانون الإيجار القديم يهدد 3 ملايين أسرة بالرحيل خلال 5 سنوات”

الإيجار القديم
السيد ياسين -

عاد الجدل إلى الواجهة بقوة داخل أروقة البرلمان المصري، بعد طرح مشروع قانون جديد يهدف إلى تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر في عقود الإيجار القديم، وخاصة للوحدات المؤجرة للسكن، وهو المشروع الذي فجر حالة من الانقسام الحاد بين أصحاب العقارات والمستأجرين، وسط تساؤلات مشروعة: من المنتصر في معركة البرلمان؟ وهل يُمكن أن يصل الطرفان إلى نقطة التوازن؟

في الوقت الذي يرى فيه الملاك أن القانون يمثل خطوة تصحيحية تاريخية، يعتبره المستأجرون تهديداً مباشراً للاستقرار المجتمعي والأسري، وهجمة غير مبررة على عقود قانونية قائمة منذ عقود.

■ أبرز ملامح القانون المثير للجدل

مشروع القانون المقترح من الحكومة – والذي بات يُعرف إعلاميًا بـ"قانون الإيجار القديم" – نص على رفع القيمة الإيجارية للوحدات السكنية الخاضعة لعقود الإيجار القديم إلى 20 ضعف القيمة الحالية، على ألا تقل عن 1000 جنيه شهريًا في المدن، و500 جنيه في القرى، مع إقرار زيادة سنوية ثابتة بنسبة 15%.

الأكثر إثارة للجدل أن القانون حدد مدة انتقالية لا تزيد عن خمس سنوات لإنهاء العلاقة الإيجارية، ما لم يتم التوافق بين الطرفين على خلاف ذلك. وبحسب نص المشروع، فإن العقود تنتهي تلقائيًا بانقضاء هذه المدة، وتُمنح الأولوية للمتضررين من المستأجرين للحصول على وحدات بديلة، سواء بالإيجار أو التمليك، من الوحدات التي تطرحها الدولة لاحقًا، وفقًا لما ستحدده اللائحة التنفيذية المرتقبة للقانون.

■ المستأجرون: «دفعنا التمن ولسنا معتدين»

المستشار أيمن عصام، المستشار القانوني لرابطة المستأجرين، عبّر عن رفضه التام لمشروع القانون، مؤكدًا أن المستأجرين ليسوا متعدّين أو مغتصبين للوحدات، بل وقعوا على عقود قانونية سليمة، وسددوا ما عليهم من التزامات مادية.

وقال في تصريحات خاصة لـ «النهار»: "مشروع القانون الحالي ليس مشروع الحكومة، بل نسخة معدلة من وثيقة الملاك التي تم تداولها على السوشيال ميديا قبل أكثر من عام، وكانوا وقتها يطالبون بزيادة 10 أضعاف، فما الذي تغير الآن حتى نصل إلى 20 ضعفًا؟"

وأضاف: "كيف يتم تحديد مهلة زمنية لعقد قانوني قائم؟ المستأجر دفع مقدمات، وقام بتشطيب الوحدة على نفقته الخاصة، وبعضهم بنى المنزل أو العقار من الأساس.. من أين تأتي العدالة في ذلك؟"

وتابع: "إذا كانت هناك نية حقيقية لإنصاف الطرفين، فليكن الحل بإعطاء المالك شقة بديلة، وليس المستأجر الذي لا ذنب له في تعقيدات السوق العقاري الحالية."

■ الملاك: «انتهى زمن السكن المجاني.. والملكية خط أحمر»

في المقابل، يرى المهندس عمرو حجازي، نائب رئيس جمعية المتضررين من قانون الإيجار القديم، أن ما يطالب به المستأجرون غير منطقي، ويتنافى مع أبسط قواعد العدالة الاجتماعية.

وقال لـ«النهار»: "القانون الحالي لا علاقة له بغير القادرين، بل نحن نتحدث عن حالات صارخة من التربح والاستفادة غير المشروعة، إذ يوجد أجانب يدفعون إيجارًا شهريًا لا يتعدى 12 جنيهًا، ويعيشون في مناطق راقية!"

وأضاف: "المادة 33 و35 من الدستور تضمنان حق الملكية الخاصة، وليس من المقبول استمرار تأجير وحدة بـ 20 جنيهًا منذ خمسين عامًا في الوقت الذي وصل فيه سعرها السوقي إلى ملايين."

وأكد أن فترة الـ5 سنوات تعتبر طويلة نسبيًا، ويجب تقليصها إلى 3 سنوات على الأكثر، خاصة في الحالات التي لا تتعلق بذوي الدخل المحدود، كما شدد على ضرورة التفريق بين غير القادرين الذين يحتاجون لحماية الدولة، وبين من يستغل القانون القديم للبقاء في وحدات بأسعار رمزية.

وتابع: "الملاك قدموا تنازلات كثيرة، وحان الوقت لاستعادة حقوقهم الدستورية والإدارية على ممتلكاتهم."

■ صدام دستوري مرتقب.. ومصير مجهول في البرلمان

المعركة المنتظرة داخل مجلس النواب لن تكون سهلة، في ظل رفض قطاع كبير من الأحزاب والمستقلين للقانون، خاصة مع تصاعد التحذيرات من صدام محتمل مع أحكام المحكمة الدستورية العليا، التي كانت قد أبطلت سابقًا مواد في القانون رقم 136 لسنة 1986 المتعلق بالإيجارات.

كما تُثار تساؤلات قانونية حول مدى مشروعية إنهاء عقود قائمة بناءً على قانون لاحق، دون تعويض عادل أو وجود بدائل حقيقية للمستأجرين، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والتضخم الذي يعاني منه قطاع كبير من المواطنين.