جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: وجع في «قلب مصر»

أسامة شرشر
-

ما حدث في أسيوط ، من استشهاد أطفال مصر الأبرياء، وإسالة دمائهم وأجسادهم علي سكك مصر، هو اتهام مباشر للجميع بأننا لا نستحق الحياة ولا نستحق أن نكون أولياء لهؤلاء الأطفال، الذين استشهدوا بلا ذنب جنوه.للأسف الاهمال واللامبالاة والمكاسب السياسية الضيقة والانفصام في الشارع المصري والمناخ العام الذي يخون الآخر فلا بد أن نعترف جميعا أننا متهمون أمام هذه الجريمة البشعة التي تعد انتهاكا لآدمية أطفال مصر، فماذا فعلوا وبأي ذنب قتلوا.ليست القضية هشام قنديل، ولا الوزراء ولكنها قضية شعب، أصبح رفض الآخر والتطاول والاعتصام لمجرد الاعتصام وعدم الاحترام وكأن الثورة فجرت فينا ينابيعا للحقد والكراهية لنقتل بعضنا البعض.هذه ليست مصرنا التي نعرفها، كان فيها التسامح والرضا والعطاء والحب واحترام الآخر وعدم احتكار الحقيقة، كانت سمة هذا الشعب الذي كان يعتبر الأزهر الشريف مرجعيته الحقيقية لوسطيته واعتداله، فمحمد علي الذي بني نهضة مصر وجيشها استمد شرعيته وقوته من اعتراف الأزهر وعلمائه به، فكانت الانطلاقة بعد الفوضي التي عمت مصر مثل الفوضي التي نحياها الآن، فنحن في حاجة لمحمد علي آخر، وبلغة الواقع نحن في حاجه لعمر بن الخطاب، الذي قال فيه الأعداء قبل الأصدقاء.. عدلت فأمنت فنمت يا عمر.ولأننا نعيش في زمن اللامعقول فأصبح كل شيء مباحا ومستباحا حتي دماء أطفال مصر الأبرياء، دفعوا الثمن في وقت نبكي فيه علي كل من يسقط شهيدا لمافيا الطرق التي أصبحت تمثل كارثة انسانية بكل المقاييس.الحكومة يا سادة لا تقال فقط ولكنها تحاكم إذا كانت هناك عدالة اجتماعية حقيقية واذا كان هناك احترام للإرادة الشعبية فدماء أطفال مصر أهم من دماء أطفال العالم أجمع.هذا المشهد سيظل وصمة عار، في جبين الحكومة والشعب الذي أصبح الآن شريكا للمسئولين الذين جعلوا من مصر خرابا ومن أطفالها شهداء، فأقولها بكل صراحه أن هيبة مصر زالت وأن الدولة بالمفهوم الحقيقي ضاعت، وأن الدولة عندما يغيب الأمن فيها تصبح فوضي وهذا ما يحدث في مصر الآن.فوجع أطفال صعيد مصر من أبناء أسيوط الطاهرة كشف عوراتنا، فيجب أن نحاكم أنفسنا علي أننا شركاء لهذه الحكومة التي استطاعت أن تجعل من أطفالنا شهداء في لحظة إهمال وفوضي وعدم تقدير للمسئولية، وأقولها: سيتكرر هذا المشهد مرات ومرات قادمة، وسنتكلم وسنصرخ ونكتب، ولأن الكلمة فقدت معناها فالأحداث فقدت تأثيرها، فليس المطلوب إقالة الحكومة ولكن أيضا إقالة رئيس الدولة نفسه.. لأنه رئيس لكل المصريين وليس رئيسا لأبناء غزة فقط.. وليس أبناء أسيوط.فلنقرأ الفاتحة علي هؤلاء الأطفال الذين ذهبوا إلي الجنة بلا أي ذنب اقترفوه في هذه الحياة الكاذبة التي أصبحت مرتعا للهواة الجدد والمدعون الذين أصبحوا يتنقلون بين الفضائيات والجمعيات والمحافظات وكأنهم المبشرون بقتل أطفال مصر وشعبها.