النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

مسئول صيني: سلوك واشنطن في قضية «منشأ كورونا» يذكرني بأسلحة الدمار الشامل بالعراق

-

رغم أن تفشي وباء كورونا، أمر يفترض تعاون الدول لمواجهة المرض، سواء بتبادل الخبرات في تطبيق الإجراءات الاحترازية أو إنتاج اللقاحات، فإن الشهرين الماضيين شهدا نزاعًا بين الولايات المتحدة وحلفائها من الدول الغربية من جهة، والصين وحلفائها من جهة بخصوص قضية تتبع منشأ الفيروس، مع تصاعد مطالبات بضرورة إجراء جولة ثانية من التحقيق بمعرفة خبراء منظمة الصحة العالمية في مدينة ووهان الصينية أول مكان ظهر به مطلع العام الماضي.

وتعارض الصين ذلك التوجه متمسكة بنتيجة الجولة الأولى من التحقيق التي توصلت لاستنتاج علمي مفاده أن "فرضية تسرب الفيروس من مختبر مستبعدة تمامًا"، مرجحة أن يكون منشأه حيوانيًا مثل الفيروسات السابقة وآخرها "سارس" وأن ما تطالب به الولايات المتحدة عملية تسييس لأزمة الوباء بهدف ضرب الصين، خصوصًا مع إطلاق فرضية "انتهاك الصين للإجراءات المختبرية خلف تسرب الفيروس" إحدى أولويات خطة التحقيق الجديدة.

يقول الوزير المفوض بالسفارة الصينية في القاهرة، شياو جون تشنج، إن بلاده فتحت الباب أمام خبراء منظمة الصحة من عشر دول منها الولايات المتحدة وإنجلترا واليابان وأستراليا، وتفقد المركز المحلي لمكافحة الأمراض والوقاية بهوبي ووهان، وكذلك معهد ووهان لعلوم الفيروسات وغيرها من المراكز والوصول الكامل لكل البيانات، وبناءً عليه فإن التقرير الصادر عن الفريق واستنتاجاته استندت لمنظور تاريخي وعلمي، وأرست أساس جيد لتعزيز أعمال تتبع منشأ أي فيروس مستقبلًا.

وأكد في تصريحات لـ"بوابة الأهرام"، أن الصين ليست وحدها التي عارضت فكرة الخطة الثانية للتحقيق لكن هناك دول أخرى أعضاء بالمنظمة العالمية، وذلك لأن خطة العمل "تم تسييسها"، لأنه تركز على"انتهاك الصين للإجراءات المخبرية"، وتتجاهل عمدًا بيانات دراسات منشورة من دول مختلفة تشير لانتشار الفيروس بوقت مبكر، وكذلك الدور المختلف لسلسلة التبريد في الانتقال المحتمل للفيروس وانتشاره، وكأنها تدعو إلى تأكيد نظرية التسرب من المختبر.

وأوضح أن خطة العمل تلك تفتقد إلى الشفافية، وتثير الشكوك بأن لها أهداف سياسية، لا تستهدف أعمال تتبع الفيروس حقًا، ولكن فقط محاولة لتشويه بلاده التي لن تقبل بمثل تلك الأفعال، وترى أنها يجب أن تستند لمبادئ علمية ونتائج المرحلة الأولى، وتسترشد بالقرارات ذات الصلة الصادرة عن جمعية الصحة العالمية، وأن يتم تنفيذها بعد المناقشة والتشاور الكامل من قبل الدول الأعضاء، وألا تكرر ما تم إجراؤه بالفعل خلال المرحلة الأولى.

وأضاف شياو جون تشنج أن الفيروسات عدو المشترك للبشرية، وتطوير التعاون البحثي في أعمال التتبع جانبًا مهمًا من الصراع بين البشرية والفيروسات، وأن الغرض منه هو العثور على مصدر الفيروس وطرق انتقاله للبشر وغيرها، وذلك من أجل منع تكرار أزمات الصحة العامة المماثلة وتحقيق الاستجابة لها بشكل أفضل.

ولفت إلى أنه في وقت سابق، صدرت عديد من التقارير عن ظهور حالات فيروس كورونا بأماكن متعددة حول العالم في النصف الثاني من عام 2019، وأنه في الولايات المتحدة وحدها، هناك ما لا يقل عن خمس ولايات ظهرت بها إصابات بفيروس كورونا الجديد قبل وقت الإبلاغ عن أول حالة مؤكدة في الولايات المتحدة، وأنه من ذلك يمكن أن نرى أن مصادر الوباء وأماكن تفشيه مختلفة ومتعددة، وتلك حقيقة موضوعية واضحة، مضيفًا أن واشنطن والدول الأخرى تتحمل أيضًا مسئولية والتزامًا بدعوة منظمة الصحة العالمية لإجراء بحث مشترك حول أعمال تتبع أصل الفيروس في بلدانهم.

وأكد أن المجتمع الدولي يولي أهمية لقضية تتبع منشأ الفيروس بناء على أسس علمية، لكن هناك بعض الدول تغض الطرف عن العلم والحقائق ولديها "هوس التلاعب السياسي" وإلصاق التهم بالآخرين، ما يدمر ويعوق مناخ التعاون الدولي لمكافحة الوباء، في حين أن 60 دولة حتى الآن خاطبت منظمة الصحة العالمية للتعبير عن موافقتها على نتائج المرحلة الأولى ومعارضة تسييس أعمال التتبع، بما في ذلك عديد من الدول العربية.

وأضاف أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والخارجية الصينية، أصدرتا بيانا مشتركا في 18 يوليو الماضي، عارض الجانبان فيه تسييس الوباء، والحث على التعاون بشأن تعقب منشأ الفيروس بشكل علمي، وفي اليوم نفسه، أعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري عن دعمه لموقف الصين وذلك خلال المحادثات التي أجراها مع عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانج يي، بما يعكس بشكل واضح الدعم الشعبي والعدالة الدولية، كما يوضح أن المجتمع الدولي يتمسك بالموقف العادل للتعقب العلمي ومعارضة التلاعب السياسي.

وأكد الوزير المفوض بالسفارة الصينية، أن واشنطن تحاول التنصل من مسئولية استجابتها الضعيفة للوباء،، وبدأت في تحقيق هدفها السياسي المتمثل في تشويه سمعة البلدان الأخرى وقمعها، من خلال تشويه الحقائق، ونشر معلومات كاذبة، وتجاهل نتائج التقرير المشترك عن فريق خبراء منظمة الصحة، ونقل معلومات عن لسان مسئولين أو معلومات استخباراتية دون دليل حقيقي، وإثارة الأقاويل والضجة حول فرضية "التسرب من المختبر"، في محاولة يائسة لفرض اتهامات غير معقولة على الصين.

وأضاف أن أمريكا تدعو إلى "تحقيق استخباري" بالمخالفة للأساليب العلمية، بهدف تحقيق الافتراض المسبق لـ "نظرية التسرب في المختبر"، مضيفًا أن فرضية إمكانية واشنطن الوصول لنتيجة نهائية حول أصل فيروس كورونا خلال 90 يومًا فقط، يذكره بأنه منذ 20 عامًا مضت زعمت امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، وفي وقت لاحق اعترفت بأن هذه الذريعة كانت ملفقة وأن الدليل على وجود أسلحة الدمار الشامل بحوزة العراق هو "مسحوق الغسيل"، وأن ممارسة الإكراه والتلويح بـ"الأيادي السوداء"، هي محاولة لجعل العلماء "يُحنُون رءوسهم أمام الهيمنة والتنمر"، من أجل دعم نظرية التسرب من المختبر، مضيفًا أن التقارير تؤكد أن عديد من العلماء غير الراغبين في الخضوع حياتهم مهددة ويتعرضون للإساءة اللفظية، واضطر بعضهم للاستقالة من عملهم حفاظًا على موقفهم العلمي.

وطالب شياو جون تشنج، الولايات المتحدة بأن تعلن عن تفاصيل حالات الإصابة بالفيروس المبكرة في صيف 2019 والتي أعلن وقتها أنها "إصابات السجائر الإلكترونية"، باختبار عينات الدم لهم، وأيضًا دعوة خبراء منظمة الصحة لإجراء تحقيقات في مختبر "فورت ديتريك" بالولايات المتحدة، وأكثر من 200 مختبر بيولوجي أمريكي خارجها، والتحقيق بشأن الأنشطة غير القانونية والمبهمة وغير الآمنة.

كما طالب بدعوة خبراء منظمة الصحة العالمية للتحقيق في جامعة نورث كارولينا، خاصة فريق باريك التابع لهذه الجامعة وهو مشهور في هذا التخصص، ويتمتع بقدرات كاملة على تركيب فيروسات كورونا وتحوراتها، ومن ثم سيتم توضيح الحقائق الكاملة بشأن بحوثه الخاصة بفيروس كورونا وتركيبه، فضلًا عن الإعلان عن الأوضاع الحقيقية وبيانات حالة المصابين من العسكريين الذين شاركوا في دورة الألعاب الرياضية العسكرية بمدينة ووهان 2019.