جريدة النهار المصرية

مقالات

صراع المشير والوزير [2]

حمدى البطران
-

 

بقلم : حمدى البطران

نواصل رؤيتنا لاحداث الأمن المركزى فى العام 1986 ...
لم يفسر التحليل السابق , سبب خروج قوات الأمن المركزي بأسيوط وسوهاج , في وقت واحد مع قوات الجيزة والقاهرة والإسكندرية .
وكتبت الصحف , ان الواقع الذي يعيشه جنود الأمن المركزي , وقوات الأمن , يكشف عن انحطاط في الخدمات التي تقدم لهم في الإعاشة والملابس , فضلا عن المعاملة القاسية , وتشغيلهم في أعمال شاقة . وظهر وزير الداخلية الجديد , وهو يفتتح المخابز والمطاعم الجديدة التي أنشئت في المعسكرات لتجهيز الوجبات المحسنة الجديدة التي ستقدم للمجندين . كما ظهر الوزير وهو يتناول الطعام معهم .
ومن ناحية أخري القي هذا الحادث بظلاله علي عملية أختيار وزراء الداخلية فيما بعد . وكان نقطة الفصل بين مدرستين من مدارس الأمن في مصر.
أنه من المعروف أن العرف المهني في وزارة الداخلية, يقوم علي تصنيف وزراء الداخلية الي مدرستين . مدرسة أمن الدولة , ومدرسة الأمن العام . من حيث الجهة الأمنية التي جاءوا منها.
فيقال هذا وزير من أمن الدولة, نسبة إلي الوزراء الذين كانوا يعملون في جهاز أمن الدولة.ويقال وزير أمن عام, إذا جاء من الأمن العام, أي من العاملين في مجال الأمن الجنائي. أي مديريات الأمن أو الجهات الشرطية الأخرى.
وكل جهة من تلك الجهات تلقي ظلالها علي شخصية الوزير وطريقة تعاملاته من الجمهور ومرؤوسيه .
عموما الوزراء الذين ينتمون إلي مؤسسة أمن الدولة , يغلب عليهم الطابع الرسمي في التعاملات , أي يميلون دائما الي التقارير المكتوبة , كما أنهم يميلون إلي تجميع المعلومات , وهذا في حد ذاته يجعل عملهم يتسم بالبطء , كما أنهم يميلون إلي أهل الثقة دون أهل الخبرة . مما يساعد علي نمو الشللية. كما أنهم يستمعون أكثر ما يتكلمون , وبالتالي تكون قراراتهم بطيئة , ولكنها في نفس الوقت حاسمة وعملية , كما أنهم غالبا ما يخطئون عند تقييمهم لمرءوسيهم , أو المتعاملين معهم , وربما يأخذونهم بالسماع , وأذنهم دائما قريبة من أفواه المتحدثين , وهم دائما في حالة ارتياب من الآخرين , ويميلون الي خلق روح التآمر في الأماكن التي يعملون بها , وبتلك الطريقة يحصلون علي معلومات قد تكون ذات فائدة في العمل . ويميلون الي تصيد الأخطاء , أو إيقاع مرؤوسيهم , الغير مرغوب فيهم , في أخطاء عمدا لسهولة التخلص منهم , وأحيانا عدم معاقبتهم , لسهولة السيطرة عليهم لصالحهم .
وهي ذات الطرق المتبعة في تجنيد بعض الأشخاص .
وهؤلاء هم من أدخلوا وزارة الداخلية في العمل السياسي. ومنهم اللواء حسن ابوباشا وحبيب العادلي .
أما الوزراء الذين ينتمون إلي مدرسة الأمن العام , وهم كل وزراء الداخلية بعد حادث الأمن المركزي في 1986حتي الآن .عدا حبيب العادلي . أي من العاملين في حقل الأمن الجنائي , فهم واقعيون , ويتفهمون نبض وحركة الشارع , ويحسنون التعامل مع الآخرين , ودائرة معارفهم واسعة , وتشمل كل طبقات المجتمع , من أسافل القوم حتي النخبة . ولهم خبرة عالية في التعامل المباشر مع الجماهير, وقراراتهم سريعة, ومن السهل أن يقتنعوا بوجهة نظر الآخرين. وليس من السهل تضليلهم .
كان حادث الأمن المركزي سببا في إقالة اللواء أحمد رشدي . وإلتزم الرجل بالصمت . ولكن في مرات قليلة تحدث الي أجهزة الإعلام . وفي أحدي المرات ذكر أنه كانت هناك مؤامرة عليه, وعلي الوزارة.
ورغم خطورة ما ذكره الوزير من أنه كانت هناك مؤامرة تدبر ضده من بعض العناصر القيادية في الدولة حسب ما أخبره به بعض أصدقاء الوزير من قيادات القوات المسلحة . فان أحدا لم يطالب الوزير بتوضيح ما كتبه , كما لم تتدخل أي هيئة من الهيئات التي تهيمن علي الأمن القومي لتوضح للناس أبعاد تلك المؤامرة , والمقصود بها , ورغم ان كلام الوزير وقتها كان يمس الأمن القومي المصري فإن الأجهزة المعنية كلها ألتزمت الصمت , ولم يخرج تقرير واحد يرد علي الرجل تحمل وحده تلك المؤامرة . ويبين لنا من هو صاحب المصلحة فيما حدث

يتبع