جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب : قمة البحر الميت

-

القمة العربية القادمة فى الأردن على شاطئ البحر الميت، يجب أن تكون نقطة انطلاق حقيقية وبداية لإعادة إحياء المنطقة العربية التى ماتت على المستوى السياسى بالفعل، وأرجو أن تكون بداية للخروج من هذا البحر السياسى المتصارع والمتلاطم والمتناقض فى الدول العربية.

 فالقضية ليست قمماً أو مؤتمرات أو لقاءات أكثر منها إحساساً بنبض الشارع العربى، والمواطن العربى من المحيط إلى الخليج، لأن الجماهير أصبحت تنظر إلى هذه القمم على أنها تحصيل حاصل، ولا توجد قرارات  تترجم ما تطلبه الشعوب العربية.

ودعونا نتحدث بشفافية وصراحة، الحوكمة العربية لا تعتمد على الشفافية أو النزاهة أو مصارحة الشعوب بما يجرى، ولكنها ما زالت تؤمن بسياسة الغرف المغلقة والتبعية للأمريكان، وهذا هو بيت القصيد، فالمحتوى العربى فى مضمونه ومعطياته وواقعه يجعله لاعباً رئيسياً على مستوى العالم، فى معظم الملفات الدولية، ولكن المشكلة الحقيقية فى الأنظمة العربية التى تتفنن فى تقييد الشعوب والطاعة العمياء للآخرين، لأن هناك وهماً لدى الأنظمة العربية، أنه للبقاء والاستمرار فى الحكم لا بد من موافقة دول خارجية، ولكن هذه النظرة الضيقة ثبت فشلها، وأثبتت الشعوب أن الحاكم– مهما كان هذا الحاكم- لا بد أن يحظى بقبول شعبى للبقاء فى الحكم، وأثبتت التجارب أن هذه الدول الخارجية تبيع الحاكم فى أول منعطف لتحافظ على مصالحها وتحقق أهدافها، وما نموذج مبارك عنا ببعيد.

فرسالتى إلى القمة العربية كنائب عن الشعب المصرى، وقبل ذلك كمواطن مصرى وعربى، إذا أردنا أن يكون لنا كيان عربى قوى، فلنحترم أنفسنا وبعضنا البعض أولاً كى يحترمنا العالم، ويجب قبل أن نجلس على مائدة الحوار، أن يخلع كل منا رداء قضايا بلاده الضيق الذى يتم تقديمه على حساب قضايا الأمة العربية الواحدة، فالأمم تبنى بالتجرد من المسائل الضيقة، والاهتمام بالقضايا العامة التى تشمل الجميع، فالحريات مثلاً وحقوق الإنسان يجب أن تكون فى مقدمة القضايا الحوارية لنا، معشر العرب، حتى نخرج بنتائج وتصورات عربية خالصة وليست تصورات أجنبية وغربية، والأهم.. والأهم أن نتفق لأول مرة فى تاريخ الجامعة العربية ونسرّع بتشكيل القوة العربية العسكرية المشتركة التى ستكون بوابة للاتحاد العربى، الحقيقى، أمام عملية الغزو والاختراق المنظم من الخارج.

بالإضافة إلى ما سبق يجب أن ننتبه إلى قضية التعليم والبحث العلمى، لأنها قضية أمن قومى عربى، فالتصدى لمحاولات اختراق الأمن القومى العربى يجب أن يبدأ عند حائط الوعى والتعليم والشفافية وكشف الحقائق.

ويجب ألا ننسى أننا نتحدث عن قمة عربية وسوريا غائبة بفعل العرب، من خلال قرار عربى أوصلنا إلى ما نحن فيه، والإنجاز الحقيقى أن يخرج قرار بعودة سوريا لحضور اجتماعات القمة العربية، وأن يتم إسقاط كل محاولات التخوين بين العواصم العربية الفاعلة، حتى لا نترك للأقزام مجالًا لجرنا إلى مستنقع الخلاف، فالاختلافات العربية أصبحت نوعاً من أنواع المتاجرة السياسية لكسب المواقف لدى دول بعينها تسعى لإلغاء العالم العربى من الخريطة العالمية.

فالقمة العربية بمعطياتها فى البحر الميت، برئاسة الملك الشاب عبدالله بن الحسين، وبدعم لوجستى مصرى وتنسيق مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، نأمل أن تكون نواةً لبناء منظومة عربية حقيقية قائمة على الأفعال وليس الأقوال، أما إن حدث غير ذلك، فإننا نقول لحكامنا: أفيقوا يا حكام العرب.. وتعلموا من دروس الثورات أن الشعوب باقية وأنتم إلى زوال، فإما أن تستمعوا لأصوات شعوبكم، وإلا فاذهبوا إلى القاع.