جريدة النهار المصرية

مقالات

2017 وثورة التصحيح

الموجى
-

بقلم : محمد شعبان الموجي

القيادة سياسية تفهم جيدا مايدور في الشارع المصري في المقابل الشعب المصري يفهم جيدا الأخطاء والخطايا التي وقعت فيها القيادة السياسية ، وهي تخطو بنا نحو خطط الإصلاح بما يشبه الإجماع .. فما يقوله العامل والفلاح والمواطن البسيط هو نفس ما يقوله الخبراء والمتخصصون .. لافرق على الإطلاق .. وهي حالة فريدة من الوعي المجتمعي العام ينبغي أن تنظر لها القيادة السياسية نظرة إيجابية بعيدا عن أية اتهامات بالعمالة أو الأخونة أو محاولة قلب نظام الحكم إلى آخره .. فالشعب لم يعد نفسا لثورة جديدة ، ولم يعد يعرف بديلا حقيقيا عن النظام القائم بكل مساوئه .. ولكن كل ما يطمح إليه أن تعيد القيادة السياسية حساباتها من جديد سواء فيما يتعلق بالحياة السياسية والحزبية البائسة والتي تقتفي فيها القيادة السياسية أثر الحكم الناصري المستبد الذي قضى وجرف كل القيادات السياسية المعارضة وطاردها وأقصاها عن الحياة العامة وعن ممارسة دورها .. كما يطمح أن تعيد القيادة السياسية خططها الإصلاحية وأن تراعي أن قدرة الأفراد على تحمل الغلاء لها حدود وأنها قد وصلت إلى درجة خطيرة للغاية . إننا لانشك – كما يشك المتربصون الكارهون للنظام الحاكم – أن القيادة السياسية تريد بالفعل انقاذ مصر من الفشل الاقتصادي ، والخروج من عنق الزجاجة .. لأن أي نجاح في النهاية سينسب لها .. ولكن الطريقة التي تعتمدها القيادة السياسية في الإصلاح .. هي طريقة شيخ البلد أو زعيم القبيلة .. الذي يدير كل شىء ويفهم في كل شىء .. ولا يطيق الاستماع إلى أي رأي مخالف أو نصيحة من ناصح .. القيادة السياسية تدير البلد منذ 30 يونيو بالأمر المباشر أي دون المرور على مؤسسات الدولة أو الأجهزة الرقابية وفي طريقها أيضا للتخلص من الإعلام المعارض حتى لو كان صفحة على الفيسبوك ، وتريد من الجميع أن يكون مجرد لجان إلكترونية للترويج لمشاريع معظمها وهمي أو لم يكتمل بعد أو غير ذات جدوى .. وهذه حقيقة نلمسها جميعا .. أضف إلى ذلك تلك الاحتفاليات والبروباجندا الفارغة التي تصاحب افتتاح مزرعة سمكية أو كوبري عائم أو كافتيرات ومطاعم ودور سينما ودار ثقافة كما حدث مؤخرا في بورسعيد .. وما تتحمله تلك الاحتفاليات من تكاليف الحراسة وغير ذلك .. أصبح يصيب المواطن بمزيد من الإحباط . لقد حاولت القيادة السياسية تدارك هذه العيوب والخطايا .. فأصبحنا نسمع ولأول مرة من الرئيس أن ميزانية الجيش تخضع للجهاز المركزي للمحاسبات .. وقد كان أول انتقاد يوجه للسيسي في حديثه مع ابراهيم عيسى عند بداية الترشح للرئاسة حيث أجاب السيسي بقول ياابراهيم إن الجيش شىء عظيم ردا على سؤال ابراهيم عيسى من الذي سيراقب ميزانية الجيش لاسيما عندما يشارك الجيش في إدارة اقتصاد مصر .. فجاء تصريح الرئيس مؤخرا كخطوة إيجابية رغم أنه في اعتقادي لايستطيع أي جهاز رقابي مدني أن يراقب ميزانية الجيش .. لكن مالايدرك كله لايترك كله ومجرد الاقرار خطوة على الطريق . أيضا راينا ولأول مرة في تاريخ مصر .. المتحدث عن الرقابة الإدارية ينتقد مشاريع قبل افتتاحها وفي حضور الرئيس .. هذا شىء عظيم .. لكنه لايكفي في اقناع المواطن أن ثمة رقابة حقيقية ومستقلة .. لكن الإعلان عن قضايا رشاوى وتربح وكسب غير مشروع من حين لآخر يعتبر أيضا خطوة على الطريق . إن الظن بأن إدارة الدولة على طريقة شيخ البلد وإقامة المشروعات العملاقة بالأمر المباشر من شأنه التعجيل بعملية الاصلاح الاقتصادي خطأ بل خطيئة من الممكن أن تؤدي بالبلاد إلى مصير مظلم .. إن فشل بعض المؤسسات أو الوزارات في أداء عملها لايعني إلغاء دور هذه المؤسسات والوزارات وإسناد مهامها إلى المؤسسة العسكرية .. هذا خطأ كبير .. بل المطلوب أن تتعامل القيادة السياسية مع تلك المؤسسات والوزرات بالحسم والحزم العسكري .. وأن تعمل على اصلاح الخلل .. ونختم بثالثة الأثافي .. وهي فشل الدولة في إدارة السياسة الخارجية للبلاد رغم كثرة زيارات الرئيس الخارجية والتي لم تثمر عن شىء ملموس .. بل ازداد الموقف المصري ضعفا واستكانة وازداد استهتار بعض الدول بنـــا .. حتى أجبرت الجكومة المصرية أخيرا على مخالفة أحكام الدستور وإحالة اتفاقية ترسيم الحدود بيننا وبين السعودية بما فيها التنازل عن تيران وصنافير إلى مجلس النواب رغم أنها معروضة على القضاء ومحجوزة للنطق بالحكم بعد ايام معدودة .. ناهيك عن مواقف كثيرة للخارجية المصرية أسقطت كثيرا من هيبة واحترام العالم لمصر .