جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

اسامة شرشر يكتب : فاز ترامب بالرئاسة.. وانهزمت أمريكا

-

لسنوات طويلة ظلت أمريكا البلد المتفرد بدقة استطلاعات الرأى وهيمنة الميديا، لدرجة أنه لا يمكن أن تختار أمريكا رئيساً إلا الذى اختارته استطلاعات الرأى ومراكزها النافذة والمنتشرة هناك، وظلت هذه الصورة النمطية مهيمنة ومسيطرة حتى جاء ترامب وحطم هذه الآلة الجهنمية، فبينما الكل يجمع على أن هيلارى كلينتون أصبحت فعلًا فى منصب الرئيس؛ حيث تقدمها بفارق كبير على دونالد ترامب واضح فى كل استطلاعات الرأى بما يعنى أن الأمر صار محسوماً، وحده دونالد ترامب رفض الاعتراف بهذه الاستطلاعات وتحليلات الفضائيات وتوقعات الخبراء بل زاد أن وجه إليهم الاتهام بالتزييف وراهن على الناخب الأمريكى ليحقق ما يمكن اعتباره معجزة بالمقاييس الأمريكية.

 فاز برئاسة أمريكا

فاز ترامب بالرئاسة، وانهزمت بل تحطمت أسطورة أمريكا المتجسدة فى استطلاعات الرأى وفى الميديا.. كيف حدث هذا؟

هذا هو السؤال الذى تسعى أمريكا للإجابة عنه وهى فى قمة الصدمة.. هل فعلاً تسرب الانحراف والفساد لهذه المؤسسات؛ فصارت تصدر تقاريرها على هوى من يدفع لها المال؟

هل فقدت كفاءتها وقدرتها على تحديد اتجاه بوصلة السياسة الأمريكية  ومعرفة من القادم إلى حيث موقع القيادة؟

وهذه واقعة على طرافتها تكشف حقيقة المأزق الأمريكى الناتج عن فوز ترامب بالمخالفة لكل الآراء والاستطلاعات.. فقد ظهر على قناة

«سى إن إن» سام وانج، الخبير بشئون قياس الرأى العام والاستطلاعات، وقام بأكل حشرة على الهواء مباشرة خلال برنامج له على القناة تنفيذاً لوعد اتخذه على نفسه قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتى قال كخبير فى استطلاعات الرأى إن ترامب لن يفوز فيها، وفاز ترامب لتبلع أمريكا والإخوان بل دول عديدة فى أوروبا والعالم العربى حشرة ستظل فى الحلق لأربع سنوات قادمة على الأقل .

 خيبة الأمل ستلازم هذه المراكز وستلازم الميديا الأمريكية لمدة أربع سنوات قادمة على الأقل. ما أكثر من ذلك فقد بات السؤال الملح فى أمريكا هو: كيف يمكن أن تستعيد أمريكا بل العالم ثقته فى مراكز سقطت بجدارة وتعرت وانكشفت عورتها بجدارة بعد أن نسج الأمريكان حولها الأساطير؟! 

فى أمريكا ثمة مخاوف حقيقية من أن تكون إمبراطورية الإعلام الأمريكى التى تتهاوى مقدمة لتهاوى الإمبراطورية الأمريكية ذاتها .

ما صنعه فوز ترامب زلزال سياسى له توابعه فى أمريكا وخارجها. لقد حصد ترامب 279 من أصوات المجمع الانتخابى، مقابل 228 لمنافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون، وهو رقم كبير نسبياً فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

والسر فى هذا الفوز وفى هزيمة ترامب لاستطلاعات الرأى هو أن ترامب خاطب فئة خاصة من المهمشين، والعاطلين عن العمل، والمحاربين القدامى ومنهم المصابون فى العمليات العسكرية التى خاضتها أمريكا مؤخراً، إضافة إلى أولئك الذين تضرروا من النظام الصحى لأوباما.

والخلاصة أن بحوث الرأى العام ومراكز الاستطلاعات والإعلام الأمريكى فشلت جميعاً فى امتحان انتخابات الرئاسة الأمريكية ونجح دونالد ترامب  ليقود أمريكا وربما العالم إلى المجهول.