جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

اسامة شرشر يكتب : وقفة مع البرلمان

-

لا بد أن نعترف بأن البرلمان غابت عنه، أو غُيبت عنه، قضايا وهموم المواطنين بداية من نار ارتفاع الأسعار إلى زيادة الضرائب على نحو جعل أبناء الشعب الصبور يفقدون الأمل فى بارقة ضوء لاحت لهم بعد انتخاب البرلمان الذى كانوا يرون أنه سيكون المدافع الحقيقى عنهم ضد تغول الحكومة وفرضها للضرائب، فالبرلمان هو صوت الشعب وهو المنتخب من خلال الجماهير التى تعانى من الاضطهاد الحكومى والتضييق عليهم فى أرزاقهم وتعذيبهم وقتلهم  أحياء.

ولهذا لا بد أن تكون هناك وقفة من البرلمان مع البرلمان قبل الحكومة، ولهذا أناشد زملائى بأن تكون حقوق المواطن غير قابلة للمناورة أو المساومة، فلا يجب أن نكون ملكيين أكثر من الملك؛ فالبرلمان برلمان الشعب، وهذه الوقفة ضرورية حتى نستعيد ثقة الشعب فى برلمانه وفى نوابه.

فلا شك أن حادثة وكارثة رشيد التى راح ضحيتها أكثر من 170 شاباً تقيل حكومات؛ فهى جريمة فى حق الوطن والمواطن.

وإنى لعلى يقين بأنه لو مارس البرلمان صلاحياته وسلطاته البرلمانية فى مراقبة ومحاسبة الحكومة ووزرائها من خلال استخدام الأدوات البرلمانية التى كفلها الدستور من الاستجواب إلى السؤال إلى طلب الإحاطة لتغير المشهد على الأرض فى كل مصر بأسرها، وأصبح البرلمان للمظلومين ملجأً وللفقراء والمحرومين صوتاً ويداً قوية على الفاسدين والمفسدين من رجال الأعمال الذين يتاجرون بآلام وآمال المواطنين.

ولا شك فى أن كارثة رشيد تعطى مؤشراً قوياً وخطيراً لغياب الحكومة غياباً كاملاً عن معاناة الناس، خاصة فى المحافظات المعروفة لدى الجميع بمحافظات تصدير الموت مثل كفر الشيخ والبحيرة.. ثم أين الجهات الأمنية من خلال تحرياتها عن سماسرة الموت؟ ولماذا لم يتم إنشاء شرطة متخصصة للتصدى للهجرة غير الشرعية للحفاظ على حياة الشباب الذى فقد الأمل فى البحث عن وظيفة أو مورد رزق لم يجده؛ فكان الخلاص عنده السفر بصورة غير مشروعة حتى لو أدى ذلك لموته، خاصة أن الموت داخل الوطن هو الموت الحقيقى وإن كان الإنسان على قيد الحياة؟!

لقد أصبح الشباب أنفسهم غير قادرين على أن يعيشوا بكرامة ويجدوا مصدر رزق يفى بالتزاماتهم ومسئولياتهم، ووجد الشباب أنفسهم وقد أغلقت الأبواب أمامهم فلم يجدوا فرصة عمل تحفظ إنسانيتهم وكرامتهم فتحولوا إلى صيد سهل لسماسرة وتجار الموت.. الذين كانوا أذكى من الحكومة ومن وزارة القوى العاملة، التى لا وجود لها إلا على الورق.. عرفوا احتياجات الشباب الذين جمعوا الأموال ثمناً لتأشيرة موت بعد أن فشلوا فى الحصول على تأشيرة حياة.

تأشيرة موت بعد أن ماتت أحلام الشباب فى وطن يعيش فيه كريماً بدلاً من قتله كل اليوم بسكين العوز والاحتياج.

دعونا نتفق على أن القوانين لن تحل المشكلة، ولكنها تحل بالإرادة السياسية واليد الطولى للبرلمان المنتخب شعبيا؛ فهو صاحب الحق الوحيد فى دفع الحكومة لخلق فرص عمل حقيقية للشباب من خلال مشروعات فى كل محافظات مصر عن طريق الصندوق الاجتماعى ومشروع تكافل وكرامة، وأبسط حقوق الشباب على الحكومة توفير «إعانة للخريجين» حتى توفر لهم الدولة فرصة عمل ومسكناً ملائماً.. هذا إذا كنا نريد بناء وطن جديد محاط ومحمى بشبابه الذين يمثلون الجهة الوحيدة للعبور للمستقبل بهذا الوطن.. فالشباب قضية أمن قومى بكل ما تعنيه الكلمة.

وأمن الشباب لا يقل خطورة عن أمن الوطن؛ فالشباب هو الحامى والمدافع عن تراب مصر الغالية، ولذلك أحمّل مجلس النواب كارثة رشيد وفقدان حوالى 200 أسرة لأبنائهم، فمن الجانى؟ هل نحن كبرلمان عندما تركنا الحكومة تعبث بالمواطنين ولم تقدم الحلول ولم توفر فرص عمل للشباب ولا تقدم الحلول ولا تواجه الفاسدين والمحتكرين وسماسرة الموت؟ أم نحن كبرلمان عندما لم نتقدم بتشريعات لمراقبة ومتابعة هموم وقضايا الجماهير فى الشارع المصرى الذى يغلى ويئن من ارتفاع كل الفواتير.. فواتير الكهرباء والماء والتليفونات.. حتى الموت وبورصة السفر إلى إيطاليا ارتفعت من 30 الى 50 ألف جنيه؟!

والسؤال: هل هان علينا أبناؤنا إلى هذا الحد؟ ثم أين التشريعات التى تحاكم وتعاقب سماسرة الموت.. شكر الله سعيكم!