جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب : بالقانون.. استروا عورة «سيدة الكرم»

-

ليست «سيدة الكرم» بــ«أبوقرقاص» فى عروس الصعيد «المنيا»  هى من جرى تعريتها على يد من فقدوا النخوة والشرف والرجولة والإنسانية بل هى مصر التى تساهلت فى فرض سيادة القانون كلما وقع حادث نخشى من وصفه بـ«الطائفى» فنسارع لإخفائه بجلسة صلح عرفية آخرها أحضان وقبلات.. جلسات يحضر فيها كل شىء القهوة والمثلجات والطعام ويغيب فقط القانون.. فتتكرر نفس الجريمة من مكان لآخر فيحضر الشيخ والقس ويغيب القاضى.. فيتواصل مسلسل انتهاك الكرامة الإنسانية لنصل إلى تعرية العجائز فى الشوارع.

لم تكن الجريمة النكراء التى شهدتها قرية الكرم والمتمثلة فى  الاعتداء على سيدة مسنة وتجريدها من ملابسها لتحدث لو أن الجناة يخشون سيف القانون ومقصلته.. هى واقعة تتنافى مع كل القيم والأعراف السائدة فى المجتمع المصرى والتى تربينا عليها.. جريمة تنذر بانحطاط أخلاقى مخيف يشكل خطراً جسيماً على أبرز سمات الشخصية المصرية والمجتمع المصرى المتمثلة فى الحياء.. لذا فإننى أطالب بألا تقتصر مواجهة هذه الجريمة ومعالجتها على جلسة صلح عرفى، وإن كان لا مانع من زيارات تطيب وتجبر الخواطر، فهى حق علينا لهذه السيدة، لكن لابد من أن تأخذ العدالة مجراها ويتم التحقيق فى تلك الجريمة النكراء، ومحاسبة الجناة إعلاء وتحقيقا لسيادة القانون التى بدونها لن يكون هناك أمن ولا أمان ولا اطمئنان، وقد اندهشت كما غيرى من تصريحات محافظ المنيا التى وصف فيها تلك الجريمة الشنعاء بأنها «موضوع بسيط» وأقول له: لا ليس بسيطاً، بل هو جريمة نكراء ضد الكرامة الإنسانية لمواطنة مصرية، فهل هانت المواطنة علينا إلى هذا الحد؟

كرامة نساء مصر عندما تنتهك لا تُوصف بأنها أمر بسيط بل هى أمر جلل لا يترك أمرها للمجالس العرفية للتصرف فيها مما يؤدى إلى استفحال الجرم واستكمال انهيار المجتمع. نريد ترسيخاً لدولة المؤسسات والقانون وإعلاء للدستور المصرى الذى ينص فى المادة 51 منه على أن الكرامة حق لكل إنسان لا يجوز المساس بها وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها، وينص فى المادة 60 على أن لجسد الإنسان حرمة وأن الاعتداء عليه جريمة يعاقب عليها القانون. لا بديل عن ردع الجناة ورد الاعتبار لهذه السيدة المصرية  التى تم الاعتداء عليها معنوياً وأدبياً ويجب إعلاء سيادة القانون وعدم تمكين الجناة من الإفلات من العقاب لنردع كل من تسول له نفسه الاعتداء على أى من المواطنة والكرامة الإنسانية، خاصة للمرأة المصرية بالقول أو الفعل للتأكيد على احترام المرأة وحقوقها وحمايتها من كل عنف.

ليكن تنفيذ القانون فى جريمة تعرية «سيدة الكرم» هو الفيصل فى القضية، باعتبارها جريمة وقعت فى حق سيدة مصرية من حقها علينا جميعاً أن نقتص لها من الجناة ونعرى فجورهم على نحو يستر السيدة التى قاموا بتعريتها ويصون ويحمى كل سيدة مصرية من هذه النوعية القذرة من الجرائم التى يستقوى فيها الجانى بكثرته أو نفوذه أو ماله أو قوته.

علينا ألا نكتفى فقط بالإدانة لجريمة تمثل انتهاكاً جسيماً لحق الإنسان فى الحرية والأمان الشخصى، ذلك الحق المكفول بموجب الدستور والقوانين والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان بل لا نهدأ حتى نقتص من الجانى فتهدأ نفس المجنى عليها وتأمن كل سيدات مصر على  أنفسهن بأن هناك قانوناً رادعاً وسلطة لا تقبل هذا العدوان، وقد أعجبتنى إشارة الرئيس لهذه الجريمة وتأكيده على أن الجانى لن يفلت من العقاب وأن الدولة لن تقبل بمثل هذا الانتهاك. إن المواطنة من مساواة وعدالة هى السبيل والملاذ لدرء كافة الفتن وتوفير الحماية، وهى حق أساسى لكافة المواطنين.

ومع تقديرى الكبير لموقف البابا تواضراس الذى كان حريصاً على ألا يعطى الفرصة للجماعة الإرهابية للمتاجرة بهذه الجريمة وتقديرى لبيان الأزهر الذى جاء فيه أن «أبناء مصر نسيج واحد»- فإن القصاص واجب وملزم للدولة؛ حماية للمواطنة فى إطار سيادة القانون، ومحاسبة المتسببين فى تعرية «سيدة الكرم» وإحالتهم للسلطات القضائية المختصة لينالوا الجزاء الرادع لهم ولكل من تسول له نفسه امتهان الكرامة الإنسانية أو العدوان على حرمة نساء مصر.