جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

اسامة شرشر يكتب : قراءة فى أزمة الطائرة

-

لا شك فى أن أزمة الطائرة المصرية التابعة للشركة الوطنية "مصر للطيران" والتى سقطت فى مياه البحر  ًالمتوسط كشفت للرأى العام وللقيادة السياسية أبعادا ً وبراًجديدة عن الحرب على مصر والتى اصبحت جوا تستهدف إلــى جانب مصر الــدول الداعمة لها ًوبحرا .. فدعونا نفكر فى هدوء ونحلل ما يجرى ً وإقليمياًدوليا بصورة عقلانية وموضوعية بعيدة عن لغة الانفعالات والشعارات ونتساءل: لماذا مطار شارل ديجول بفرنسا؟! ببساطة لأن العلاقات المصرية – الفرنسية أصبحت فى حالة من التوافق الفريد فى كافة القضايا كما أن فرنسا تدعم مصر بأحدث النظم والأسلحة، وأبرز ملمح  عن ًفى ذلك صفقة الرافال وحاملة الطائرات، هذا فضلا تبادل اقتصادى وثقافى غير مسبوق.

الأخطر أن ثمة تلاقيا فى أفكار القيادتين فى مصر وفرنسا فيما يتعلق بالقضايا ذات الطبيعة الاستراتيجية كالصراع العربى الإسرائيلى والقضية الفلسطينية، ويمكن إدراك ذلك بنظرة للمبادرة الفرنسية والمصرية للسلام فى المنطقة، حيث كانت المبادرة الفرنسة والتى أعقبتها مبادرة الرئيس السيسى التى أحدثت ردود أفعال عالمية وإقليمية وعربية، حيث أعطت إشارة ورسالة بأن مصر عائدة إلى الساحة بقوة كلاعب رئيسى فى الملفات الاستراتيجية وفى القلب منها القضية الفلسطينية، حيث ستظل مصر هى الدولة المحورية القادرة على أن تقود التحرك الدبلوماسى لتحريك عملية السلام بما تملكه من كوادر وقيادات وأفكار حيث إنها صاحبة خبرة كبيرة بهذا الملف وكيفية إداراته. وهنا نتساءل: لماذا فى هذا التوقيت تأتى كارثة الطائرة؟ الموضوع وببساطة وبعيداً عن لغة الاجتهادات والاستنتاجات فى أزمة الطائرة حيث لا بد أن يخضع لمعلومات حقيقية حتى يتم كشف الصناديق السوداء والحمراء والصفراء التى تعبث بالأمن القومى المصرى والفرنسى ولابد من ربط أزمة الطائرة بأزمات سابقة مع دول صديقة وصلت العلاقات على كل المستويات معها لدرجة جعلت التنظيم الدولى للإخوان يفقد عقله وصوابه ويتفق مع الشيطان ومع الدول الأخرى المعادية لمصر فى محاولة لتشويه القيادة السياسية وإعطاء رسالة سلبية للعالم بأن مصر غير مستقرة ولن تستقر، وبالطبع فإن الماكينة الإعلامية جاهزة لترجمة هذه السيناريوهات إلى حقائق ووقائع مثلما حدث للعراق إبان حكم صدام حسين الذى فجر هذه الزلازل السياسية والتدخلات الأمريكية فى المنطقة العربية والشرق الوسط، حيث أعطى للأمريكان صكاً دولياً لتفكيك الدول العربية وإغراقها فى صراعات طائفية واقتصادية بل صراعات مسلحة وحروب أهلية وكله نتيجة لخيالات صدام حسين وأوهامه السياسية بالزعامة. لقد كان سقوط بغداد البداية لسقوط البوابة الشرقية للأمن القومى العربى وأعطى فرصة للدولة الفارسية «ايران» لتعبث فى العديد من البلدان العربية مستغلة الربيع العربى والخريف الدولى لتنشر الفكر الشيعى من خلال مرجعيتها التى لا تعترف بحقوق الإنسان أو الحريات داخل إيران أو خارجها.. إيران التى أصبحت شريكاً سياسياً فى صنع الأزمات والتصدعات داخل الأمة العربية, وأعتقد أن العبث فى اليمن واللعب بورقة الحوثيين وصالح كان هدفه الرئيسى إسقاط السعودية، ناهيك عما يجرى فى سوريا والبحرين ولبنان، حيث إن اللعب بات على المكشوف. لقد التقت إرادة المرجعيات الشيعية مع أفكار وجنون أردوغان والحلم بعودة الخلافة التركية فأصبح الاثنان يتنافسان فى إسقاط العالم العربى فى الفوضى وإغراقه فى المشاكل، خاصة سوريا التى تعتبر آخر قنديل للبوابة الشرقية العربية، حيث اصبحت إيران بحرسها الثورى وتركيا بدعمها بالسلاح وتمويلها وتدريبها للميليشيات الداعشية تريد أن تسقط الدولة السورية وتفكك الأرض والوطن والحضارة ليتم تقسيم سوريا لدويلات ما بين دولة كردية وأخرى سنية وثالثة شيعية.. وهكذا أصبحنا ندفع ثمن غياب رؤية عربية حقيقية مبعثها الشارع العربى بعيداً عن الاعتماد على الأمريكان الذين يتحالفون الآن مع إيران التى كانوا يطلقون عليها محور الشر والهدف الجائزة الكبرى وهى إسقاط الدولة المصرية. وفى هذا السياق وضمن هذا المخطط كانت أزمة ريجينى لضرب العلاقات المصرية الإيطالية بعد الإعلان عن اكتشاف أكبر حقل للغاز فى البحر المتوسط، ناهيك عن أزمة الطائرة الروسية التى كان الهدف منها ضرب العلاقات المصرية الروسية بعد أن اتضح أن مصر تتجه لتعاون استراتيجى مع موسكو يخفف عنها الضغوط الخارجية التى تستهدف قرارها السياسى. ومن الواضح أن الآلة الإعلامية الغربية جاهزة وحاضرة فى كل هذه الأزمات والملفات لتزييف الحقائق ونشر الأكاذيب وى هذا السياق فإننا نحذر إعلامنا من الانسياق وراء هذه المخططات والمشاركة فيها على نحو يضر بالأمن القومى لمصر؛ حيث يجب ألا نغفل أن ترتيب جيشنا فى المرتبة العاشرة على مستوى العالم مع ضربات ناجحة ضد الإرهاب، فضلاً عن افتتاح مشروعات تنموية وإنتاجية أذهلت الأعداء وأصابت التنظيم الدولى للإخوان فى مقتل ومعه أردوغان وإسرائيل، ودعونا نؤكد أن تصدير الأزمات واستغلالها لن يتوقف بل سيستمر لأن المخطط هو محاولة إرباك وإفشال الدولة المصرية بعد أن اكتملت مؤسساتها، وخاصة المؤسسة التشريعية (مجلس النواب) التى كانت الورقة الأخيرة التى تمثل أداة ضغط بأن مصر ليس بها برلمان منتخب، فلذلك أنبه زملائى النواب الوطنيين جميعهم بكل توجهاتهم: علينا أن ننتبه لمحاولات الاختراق من خلال ورش العمل والمنظمات غير الشرعية، التى تريد أن تتدخل فى الشأن البرلمانى وأعمال البرلمان، حتى وصل القبح والاختراق إلى إعداد ورش عمل لمناقشة الموازنة العامة للدولة، ليس من باب التعديل والإضافة، ولكن من باب هدم موازنة الدولة المصرية، وإحداث بلبلة فى الشارع، ونشر الشائعات والأكاذيب حول البرلمان ولجانه المتنوعة الوطنية، التى تعمل لدعم الحكومة فى الخروج من هذه الأزمة بعد أن كادت مصر تختطف على يد شياطين الدين ومنظمات المجتمع المدنى وجمعيات حقوق الإنسان والحيوان. فكل هذه أدوات لضرب استقرار هذا الوطن ولكن بعقول وأدوات وأياد مصرية، وهذا هو مكمن الخطورة فى هذه الأزمات المتلاحقة ليل نهار لإرباك المشهد البرلمانى ومحاولة التشكيك فى مجلس النواب لخلق حالة استنفار وتجييش لبعض جماعات المصالح المرتبطين بأجندات خارجية لإسقاط الدولة المصرية والنظام السياسى، ولكن لأنهم لا يدركون ولا يعرفون جينات وشفرات الشعب المصرى، الذى يرصد كل هذه التحركات ويعرف كل هذه الأدوات بل يعرف الأسماء التى تتحرك لمحاولة إفشال البلد سيسقطون عاجلا أو آجلا، فى مستنقع الخيانة وبيع الوطن مقابل حفنة من الدولارات، ولأنهم لا ينتمون للأسف الشديد لتراب هذا الوطن فهم على استعداد لبيع أنفسهم ضاربين عرض الحائط بكل الثوابت التاريخية والوطنية لهذا البلد.. وأقول لهم أخيرا: إن مصر تمصّر غيرها ولا يمكن أن تتغير، وإن الأزمات لن تنتهى ولكن ستبقى الدولة المصرية بشعبها وقيادتها حائط صد لإسقاط كل السيناريوهات الداخلية والخارجية لأنهم لا يعرفون أن مصر فى رباط إلى يوم الدين.