جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: هولاند على منصة مجلس النواب

-

فى سابقة هى الأولى من نوعها، قام الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند بزيارة لمجلس النواب، كأول رئيس أوروبى يحضر إلى البرلمان منذ إنشائه، وفى خلال الزيارة أصر هولاند على أن يدخل إلى قاعة البرلمان، ويقف على المنصة مبهورا أمام هذه القاعة التاريخية التى تحكى أسرار مصر وتاريخها العريق، وتروى المسيرة التاريخية لحقب طويلة لثانى برلمان على مستوى العالم، حيث أنشئ البرلمان المصرى منذ 1806 بعد مجلس العموم البريطانى.

وعندما وقف هولاند على منصة الشعب المصرى تذكرت مقولة نابليون بونابرت، عندما جاء إلى مصر قائلا «أعطونى شعباً مثل الشعب المصرى وبلداً متميزاً بأزهره وكنيسته مثل مصر وأنا أغزو العالم أجمع».

وهذا يؤكد ولع الفرنسيين بالثقافة والتاريخ والحضارة والتراث، وأن الهوية الثقافية المصرية التى دافع عنها الشعب خلال ثورتين أمام الطغاة والإخوان كانت حفاظا على تاريخ هذا الوطن.

ودخل هولاند متحف مجلس النواب وانبهر بالكارتة الملكية، والمقتنيات والكتب، ووقف مذهولا أمام هذا التراث البرلمانى العظيم لهذا الشعب العظيم الذى قام بثورتين فى أقل من خمسة أعوام، وكان من أول الشعوب التى علمت العالم الديمقراطية وتبادل السلطة.

يدرك الرئيس الفرنسى أن مصر تمصّر غيرها ولا تتغير، وأن القوة الناعمة لمصر فى مخزونها الثقافى والفكرى بمفكريها ومثقفيها وعلمائها وشبابها ونسائها.. وهذه الشفرات من جينات الشعب المصرى.

وقد تحدث الرئيس الفرنسى عن الارتباط القانونى بين مصر وفرنسا، كما تحدث عن العلاقات الاقتصادية المتميزة ومواجهة الإرهاب وداعش فى كل مكان، وأن فرنسا أصبحت هى صوت مصر فى الاتحاد الأوروبى مع ألمانيا.

ثمة ملاحظة مهمة تتعلق بزيارة الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند لمجلس النواب، حيث تحتل هذه الزيارة رقم «10» فى تاريخ زيارة الزعماء للبرلمان المصرى منذ إنشائه، ولأن الشىء بالشىء يذكر فهى الزيارة الخامسة لزعيم كبير لمجلس النواب الحالى الذى لم يتشكل إلا منذ شهور قليلة؛ ما يعنى أن الزيارات التى تمت لمجلس النواب فى هذه الشهور القليلة تعادل نصف الزيارات التى تمت للبرلمان منذ إنشائه، ما يعنى أيضا إدراك زعماء العالم ما يمثله مجلس النواب الحالى لمصر.

جاءت زيارة هولاند بعد زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ أيام قليلة، حيث قام الملك سلمان بزيارة تاريخية، وهو أول ملك سعودى يتحدث مباشرة أمام البرلمان المصرى. وسبق هولاند أيضاً فى الزيارة الرئيس العراقى فؤاد معصوم فى مارس 2016، وسبقه أيضاً «جورج إيفانوف» رئيس مقدونيا والرئيس الصينى تشى جين بينج مارس 2016.

الدلالة هنا واضحة.. فى أن عيون العالم تتابع وتراقب باهتمام كبير هذه التجربة البرلمانية بكل مفرداتها لأول برلمان تشكل بعد ثورة 30 يونيو محملاً بطموحات وتركيبة برلمانية غير مسبوقة تبرز فى أكبر تمثيل للشباب وللمرأة منذ إنشاء البرلمان المصرى وهى تركيبة لا تتوافر حتى فى أعرق البرلمانات الأوروبية.

وهو أمر يمثل عبئاً كبيراً على هذا البرلمان يستوجب منه ممارسة دوره بحكمة واقتدار؛ بما يحقق مصلحة المواطن والوطن، ورغم كل ما يحيط بهذا البرلمان من ضغوط فإننى أثق كعضو فيه عن دائرة منوف وسرس الليان فى قدرته على العبور بمصر إلى بر الأمان وإثبات أنه أكبر من كل التحديات التى واجهته على كثرتها.. حيث يعلو حب مصر فوق أى شىء آخر.. حفظها الله من كل سوء.