جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

اسامة شرشر يكتب: لماذا نطق حمدين؟!

-

بعد صمت طويل وبعد غياب عن الساحة السياسية منذ خسارته فى الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى، خرج علينا حمدين  صباحى، عبر وسائل التواصل الاجتماعى، ليعطينا درساً فى الوطنية والديمقراطية تحت شعار «لنصنع البديل الحقيقى» وكأن صباحى لا يرى التحديات التى تواجهها مصر دولياً وإقليمياً ومحلياً، وكأن حمدين يعيش فى كوكب آخر؛ ما جعل دعوته فى توقيتها محملة بكل معانى الشذوذ السياسى! فأى بديل حقيقى هذا الذى يتحدث عنه؟ وأى إهانة يوجهها لمؤسسات الدولة وسلطاتها المكتملة.. ألا يبصر حمدين صباحى أن فى الحكم رئيسا منتخبا بأغلبية ساحقة وسلطة قضائية تمارس عملها باستقلال كامل وبرلمانا تشريعيا يعبر عن نبض هذا الشعب؟ 

إن خارطة مصر السياسية مكتملة، فأى حكم فردى يروج له حمدين صباحى الآن؟ وأى بديل مدنى يتحدث عنه؟ ومصر تخوض مواجهة على كافة الجبهات فى مواجهة أجندات داخلية وخارجية.. مواجهات عسكرية وسياسية واقتصادية تتصدى لها المؤسسات كل حسب دوره الذى يجب أن يقوم به.. السلطة التنفيذية فى مجالها والسلطة القضائية فى محاكمها والسلطة التشريعية فى برلمانها، وقد شعر المواطن أن هناك صوتًا له تحت القبة يتصدى للدفاع عن حقوقه، وطموحاته، وآماله... صوتًا لم يحدث فى تاريخ أى برلمان.. وحتى عندما شذ نائب عن الإجماع الوطنى اسمه توفيق عكاشة تصدى له البرلمان ومن قبلها وقفت الأغلبية ضد قانون الخدمة المدنية انحيازاً للشعب فى مواجهة الحكومة.. ولو نظر حمدين لوجد برلماناً يمثل الشعب له خط أحمر ممنوع الاقتراب منه ومن حقوقه، ولكن يبدو أن حمدين قرر عزله فى برج خاص لا يرى عبره إلا حدود نفسه وما يدور فى خياله.

إن الدعوة التى أطلقها حمدين صباحى عن «البديل الحقيقى» والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة فى هذا التوقيت تصب فى خدمة إسرائيل وأمريكا وتتماشى مع ما يصبو إليه التنظيم الدولى للإخوان وأردوغان وتحمل فى طياتها رغبة فى إظهار مصر بأنها دولة غير مستقرة، وتضر بالاقتصاد والسياحة فى بلد يسعى بكل قوة للتعافى من سنوات عجاف.

ألا يرى حمدين صباحى أم أنه يرى ويدعى أنه لا يرى المشروعات العملاقة التى يتم افتتاحها لتعود بالنفع على شباب ومستقبل الوطن.. وجولات الرئيس الخارجية وآخرها الجولة الآسيوية التى شملت كازاخستان وكوريا الجنوبية واليابان وجرى خلالها توقيع عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، وقد شاهدت عن قرب كيف كان الرئيس يعمل لمدة 17 ساعة فيجرى لقاءات سياسية واقتصادية مع رجال الأعمال بهدف جذب المزيد من الاستثمارات ثم رأيت تقدير هذه الدول لمصر ورئيسها الذى سجل التاريخ له أنه أول رئيس عربى يلقى خطاباً فى برلمان اليابان.

ثم يأتى حمدين صباحى فى هذا التوقيت ليردد أن البلد يحكم بفرد واحد، متجاهلاً الواقع والمؤسسات بما يرقى لوصفه بخيانة المواطن الذى وضع ثقته فى هذه المؤسسات، ومن العجيب أن حمدين بهذه الدعوة المزعومة عن البحث عن بديل يزعم أنه يحس بالشعب بينما هو يلقى بمتفجرات فى وجه الوطن والمواطن.

علامات استفهام وعلامات تعجب عديدة يطرحها كلام صباحى الذى يتجاهل أنه فى انتخابات الرئاسة لم يتجاوز نسبة الـ3 بالمائة ثم ها هو يزعم أنه صوت الشعب وضميره بل يصور للرأى العام أنه القائد الجديد الملهم الذى سيقود البلاد، وأن الجماهير من المحيط الثائر للخليج الهادر ستخرج خلفه لتقوده لقصر الاتحادية، وكأن مصر دولة بلا رئيس وبلا مؤسسات، وهى بانتظار فارسها صباحى لإنقاذها.

على صباحى أن يراجع حساباته وينظر للخريطة الإقليمية والداخلية وللواقع الصعب والشائك الذى تواجهه القيادة السياسية والذى يواجهه برلمانها، ممثل الشعب وصوته، ولا ينزلق بدعاوى الهوى والمصالح الشخصية الضيقة إلى أن يتحول إلى خنجر فى أيادى أعداء الوطن لطعن الوطن.. على حمدين صباحى فى هذه اللحظة التاريخية الحرجة بتعقيداتها وتشابكاتها أن يعلى مصلحة الوطن ويتوقف عن التصريحات والكلمات والأفعال التى لا تخدم إلا أعداء الوطن.