جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

اسامة شرشر يكتب: قناة السويس نموذجا للتحدى

-

أخطر شىء فى افتتاح قناة السويس الجديدة هو إعادة اكتشاف قدرة المصريين على التحدى بالعمل وليس بالشعارات أو الكلمات أو الصرخات أو التظاهرات.
وعاد للمصريين وضعهم على الخريطة الدولية فى دقة الإنجاز فى أقصر وقت ممكن، فالعالم يتساءل: كيف شيد المصريون هذا الممر الملاحى الجديد الذى تم إنجازه بعقول وسواعد وأموال مصرية؟
وهذا يذكرنا بقدرة المصريين على ما صنعوه فى اقتحام خط بارليف والساتر الترابى الذى شيده الصهاينة والإسرائيليون والذى لا يمكن بكل المقاييس والمعايير العسكرية أو الهندسية أن يتم اقتحامه وعبوره!

وما بين الممر الملاحى الجديد لقناة السويس واقتحام الساتر الترابى لخط بارليف ٦ أكتوبر ١٩٧٣ أكثر من أربعين عاما وهذا يعطى دلالة قوية أن المؤسسة العسكرية بفروعها المختلفة لم تتغير بل مليئة بالكفاءات والعقليات العسكرية والهندسية التى تتفوق على نفسها وتعطى دروسا للعالم على عبقرية هذا الشعب
وأخطر ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته التى ستدرس للأجيال القادمة هو اقتباسه كلمات وأفكار ونبوءة الدكتور جمال حمدان فى أن المصريين قادرون على تحقيق المستحيل، وهذه هى المعضلة الصعبة فى الشخصية المصرية التى لا يمكن فك رموزها وشفراتها لأن الجينات المصرية ورجال القوات المسلحة هم خير أجناد الارض.
فمصر التى لم يدركوها ولن يدركوها ذكرت فى القرآن والإنجيل والتوراة وإن الرسول سمى جيشها خير أجناد الأرض، فادخلوا مصر إن شاء الله آمنين رغم أنف قوى الشر من الإخوان الإرهابيين الذين لو تمكنوا من هذا الوطن لأحرقوه وجعلوه مزادا وانتفاعا للقطريين وأردوغان.
فقناة السويس ستظل نموذجا للتحدى ورسالة للعالم أن المصريين قادرون على فعل المستحيل رغم أنهم يحملون كل تناقضات العالم.

 

الانتخابات بدأت... و«النور» يتحرك!

 
عجيب أمر القوى والأحزاب السياسية فى مصر المحروسة، فبعد ثورتين مازالوا يتعاركون على القوائم الحزبية ويحاولون عقد صفقات بعيدا عن الشارع، وداخل الغرف المغلقة، وهذه هى الكارثة السياسية والموروث المتخلف الذى كان سببا رئيسيا فى قيام ثورة ٢٥ يناير وهو الفساد السياسى واختيار بعض العناصر والأسماء المرفوضة شعبيا، لكنها وجدت فى القوائم ضالتها فى القفز على البرلمان، بل وصل الأمر إلى قيام بعض الأحزاب بشراء مرشحين وليس ناخبين وهذه هى البدعة الجديدة بعد ثورتين.
وأصبحت بورصة المرشحين على المقاعد الفردية فى بعض المحافظات تصل إلى ملايين الجنيهات، وهذه هى الطامة الكبرى فى أن يتغلغل إلى مجلس الشعب الجديد بعض النماذج المرفوضة شعبيا والتى كانت أحد أسباب قيام الثورات.
ويردد البعض للأسف الشديد أن شراء النواب على المقاعد الفردية أو القوائم هدفه تكوين لوبى لتشكيل حكومة جديدة ووقف كل خطط التنمية والاستثمار فى مصر الجديدة، وكذلك لعرقلة الخطوات البناءة التى يقوم بها الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يعتمد بالأساس على الظهير الشعبى وليس على الظهير الحزبى أو المادى.
ووسط كل هذه الصفقات السياسية يتحرك حزب النور فى كل النجوع والقرى ومحافظات مصر ويدفع بمرشحيه على كل المقاعد الفردية والحزبية ويقسم أدواره ويطور من خطابه الدينى ويعتمد على الحاجة الاقتصادية للأسر المصرية، للأسف الشديد، مستغلا معاناة الناس للتسلل إلى البرلمان وتحقيق أهدافه التى طالما حلم بها.
وفى نفس الوقت يخرج علينا بكار قبل افتتاح قناة السويس معترضا على صفقة طائرات الرافال الفرنسية.
والعجيب أن حزب النور الذى عمل فى معترك السياسة والانتخابات منذ سنوات قليلة ومازال يحبو فى عالم البرلمان يقوم بتوزيع أدواره مع وضد كل القوى السياسية ويحلم بتحقيق المستحيل فى الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان فى ظل غياب الأحزاب والقوى السياسية وهذا هو مكمن الخطورة والخطر على الحياة السياسية والبرلمانية فى مصر.  

 

من وراء تظاهرات نقابة الصحفيين؟

المشهد كان عبثيا أمام  مبنى نقابة الصحفيين، فالتظاهرات تمت بدون موافقة الجهات المختصة، واستطاعت ناشطة تسمى فاطمة فؤاد، رئيسة النقابة المستقلة للضرائب، أن تضحك على الجميع وعلى نقابة الصحفيين عندما قامت بتأجير إحدى قاعات النقابة لعمل ندوة حول قانون الوظيفة المدنية الجديد، سواء اختلفنا أو اتفقنا مع هذا القانون فالمحصلة هو وجود أياد تعبث بأمن واستقرار البلد، ووجدت فى هذه التظاهرات ضالتها المنشودة، وأمام أعيننا قاموا باستدعاء قناة الجزيرة والقنوات الدولية، وأخذوا يرددون هتافات متفقا عليها ومخططا لها “ارحل يا أشرف يا عربى” وأخذوا يهتفون بسقوط الحكومة ويهددون بالإضراب العام على مستوى البلد.
والهدف من ذلك هو إرسال رسالة للخارج بعد الافتتاح الأسطورى لقناة السويس الجديدة وحضور زعماء العالم من كل بقاع الدنيا. خلال أيام أرادوا أن يضربوا هذا الإنجاز الأسطورى الذى يرمز للتحدى وعبقرية المصريين وقدرتهم على عمل المستحيل فى زمن قياسى أذهل الأصدقاء قبل الأعداء، فأراد هؤلاء المدعون الجدد أن يبعثوا برسائل التشكيك فى أن البلد غير مستقر وأن هناك تظاهرات وفوضى فى الشارع المصرى.
ولن نقول مثل الآخرين إن الطابور الخامس أو العاشر أو جماعة الإخوان الإرهابية وراء هذه التظاهرات بل نجزم بأن هناك أيادى ليبرالية متلونة بوجهة النظر الإسلامية المشوهة أرادت أن تعطى انطباعا سلبيا بأن مصر تموج بالاضطرابات والاعتصامات والإضرابات بسبب محاولة تقليص الجهاز الحكومى للدولة ووضع آلية جديدة للعمل الحكومى من حيث الرواتب والحوافز والمكافآت، لتكون عملية الثواب والعقاب للذين يعملون والذين لا يعملون
ونعود إلى سلالم نقابة الصحفيين التى عليها وجدنا المناضلة المدعوة فاطمة فؤاد بزيها الأحمر تحاول أن تصعد من عملية التظاهرات، بل شاهدنا الأتوبيسات من المحافظات تعج بالمتظاهرين، لا نعرف من أين جاءوا ومن وراءهم، وهل هم ينتمون إلى قطاع الضرائب الذى له حقوق وعليه التزامات، فكنا نتصور أن يكون الحوار واللقاء مع وزير التخطيط هو المعيار الأفضل للوصول إلى صيغة مشتركة بين كل الأطراف، ولكن التصعيد الذى تم والدعوات التى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى والحشد الذى يذكرنا بما حدث فى رابعة العدوية وميدان النهضة، والشعارات التى تم ترديدها لم تكن عفوية أو تلقائية لكن هناك أياد وشخصيات بعينها تقف وراءها، وتردد أن أحد الوزراء السابقين كان وراء هذه التظاهرات، وإن صح ذلك فهى جريمة أخلاقية وإنسانية بكل المقاييس تضرب عرض الحائط بالدستور المصرى الذى وافق عليه المصريون، والقوانين التى تنظم حق التظاهر لأى فئة أو جهة فى إطار القانون، ولكن ما جرى ويجرى فى غياب تام للزملاء المحترمين أعضاء مجلس نقابة الصحفيين والأخ العزيز يحيى قلاش، نقيب الصحفيين، الذى اتصلت به أثناء تواجدى فى مقر النقابة ووجدت رفضا تاما من كل العاملين والصحفيين الموجودين داخل مقر النقابة لهذا المشهد والسلوك غير الحضارى والأخلاقى أو المهنى.
فالحريات هى التزام وأخلاق ولا تكون فوضى وانتهاكا واغتصابا لحقوق الآخرين ومحاولة كسر هيبة وإرادة الدولة ومحاولة إرباك المشهد المصرى الذى هز العالم وجعل كبرى الصحف الأمريكية والأوروبية تكتب: مصر تتحدث عن نفسها وتستعيد دورها الإقليمى والدولى.
ونحن للأسف الشديد نحاول أن ندمر هذا الوطن من خلال أناس غير مسئولين على الإطلاق، يعملون بالريموت كنترول ومن خلال رسائل لا نعرف مصدرها تحاول أن تعيد المشهد المصرى إلى نقطة الصفر، بعد أن شق الصحراء وسطر إنجازا أسطوريا فى ملحمة قناة السويس الجديدة والمشروعات التى ستتم على محور خليج السويس.
فإذا كان لقانون الخدمة المدنية الذى كان سببا لاشتعال الموقف أمام نقابة الصحفيين عيوب وسلبيات فى أسلوب الترقيات ونظام الأجور والحوافز وعدد ساعات العمل الأسبوعية ومكافحة الفساد والجزاءات التأديبية، فإن الحكومة تدعى أن مميزات قانون الخدمة الجديد يضع حدا أقصى لعدد سنوات شغل الوظائف وسيربط كل العلاوات مع الأجر الوظيفى، وستكون العلاوة الدورية السنوية بنسبة ٥٪ من الأجر الوظيفى.
ونحن نرى أن الحكومة تسرعت فى طرح هذا القانون الجديد بدون الرجوع إلى الكيانات المستفيدة من ذلك وأخذ رأيها وكذلك النقابات العمالية المنتخبة بعيدا عن النقابات المستقلة التى لا تعبر عن أحد، بالإضافة إلى عدم عرض هذا القانون على المجتمع المدنى بكل طوائفه ليكون فى النهاية توافقيا يعبر عن إرادة وآمال وطموحات العاملين فى الجهاز الإدارى للدولة.
ناهيك عن نقطة غاية فى الأهمية وهى لماذا لم تنتظر الحكومة ونحن على أبواب الانتخابات البرلمانية أن يعرض على مجلس النواب القادم بعد ٩٠ يوما ويكون ولادة هذا القانون على أيدى النواب المنتخبين من الشعب المصرى، وتكون الحكومة قد برأت نفسها من أى سلبيات بهذا القانون الذى كان فرصة ملائمة لطيور الظلام ليضربوا فرحة المصريين فى مقتل وخاصة بعد أن عادت مصر إلى موقعها الطبيعى رغم أنف الأمريكان والإخوان وأردوغان والقطريين... فرحمة بهذا الوطن وبهذا الشعب أن ترحلوا أو تصمتوا لأن مصر فى حاجة إلى العمل وليس إلى التظاهرات والإضرابات.. وكفاكم ما حدث فى السنوات الأربع الماضية... وشكر الله سعيكم.