جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: مصر تعبر

-

في مثل هذه اللحظات التاريخية، تعجز الكلمات عن التعبير عن المعني الحقيقي لقصة كفاح شعب، استطاع في وقت استثنائي، وخلال ظرف تاريخي، أن ينجح في أول تحد بعد سقوط الإخوان في تحويل أكبر ممر ومعبر مائي في العالم إلى حدوتة مصرية، فالأجداد حفروا، والأحفاد عبروا.
وكانت إرادة الشعب متلاقية مع إرادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تحت شعار "هنا قناة السويس"، فالتاريخ يعيد نفسه، ولكن شتان بين افتتاح الخديوى سعيد الذي جعل مصر مدينة بملايين الجنيهات، نتيجة البذخ وعدم الإحساس بالمسئولية، وبين ما يجرى اليوم في عصر الرئيس السيسي الذي أراد أن يوفر الجنيه لصالح الشعب المصري، فعبر القناة من خلال إحداث طفرة ستحدث متغيرات كبيرة في المنطقة، وستكون مصر من خلال مشروع تنمية قناة السويس وأكبر منطقة لوجستية وترانزيت في العالم، ومن هنا تصبح مصر أم الدنيا، وليس بالكلام والأقوال فحسب، ولكن بالأفعال والسواعد المصرية، والأفكار والعقول المصرية، التي استطاعت أن تعبر بمصر إلى شاطئ الخريطة العالمية لتصبح قناة السويس ليست مجرد حلقة ربط بين إفريقيا وأوروبا فقط، ولكن حلقة وصل بين العالم كله، ولتعود لمصر ريادتها الحقيقية من خلال اقتصاد قوى ومتنوع يحدث طفرة في دخل المواطن المصري الذي عاني أيما معاناة وصبر صبرا عظيما على مدار عقود طويلة دون أن يلقى مقابلا.
وبعد أن كانت مصر عرضة للبيع في زمن الإخوان وفي زمن الأندال، ها هي تعود بمشاريع عملاقة لتعطي رسالة للعالم أن الشعب المصري قادر على صنع المستحيل، وبالرغم من أنه يجمع كل متناقضات الدنيا، إلا أنه في لحظة تاريخية ووطنية مخلصة قادر على صناعة المجد، فعندما خرج المصريون في ميادين التحرير بكل محافظات الجمهورية، شكك البعض في الأرقام والحقائق والوقائع، ولكن الشعب خرج بعدها بشهور قليلة ليجمع في مشروع قناة السويس الجديدة مبلغ 64 مليار جنيه، في أقل من أسبوع لينتبه العالم لهذه الظاهرة الخطيرة والغريبة، وهي أن يخرج شعب بأكمله ليدعم رئيس في وقت تمر فيه البلاد بأسوأ ظرف اقتصادي، لتكون هذه هي المعادلة الصعبة التي أذهلت الأصدقاء قبل الأعداء، الأمر الذي جعل ميركل نفسها تشكك في التقارير التي تزعم أن الرئيس ليس لديه رصيد شعبي كاف لحكم مصر، لأنها رأت بنفسها الأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل، بعيدا عن تقارير وكالات الأنباء المضللة التي حاولت أن تدلس وتعطي صورة بعيدة عن الواقع، فخروج 40 مليون مواطن مصري للتبرع لمشروع القناة أو للاستثمار فيه، كان رسالة للعالم كله ولأوروبا وأمريكا أن انتبهوا "المصريون قادمون".
مصر عبرت وفرحت.. وها نحن على بعد أيام قليلة وسنرى العالم بأسره في السويس لكي يبني ويشارك المصريين في مشاريع اقتصادية وفي نهضة معمارية عملاقة، ولا شك أن حضور رؤساء العالم بداية من بوتين وهولاند إلى رؤساء وملوك العالم، ورؤساء حكومات معظم دول العالم، هو رسالة للجميع أن مصر عادت وبقوة رغم أنف كل حاقد أو حاسد من الأمريكان والإخوان وأردوغان وقطر، وأن محاولات إحداث تهديدات إرهابية في سيناء وفي محافظات مصر المختلفة هي مجرد صحوة أخيرة قبل الموت لهذه الميليشيات التي لن تستطيع أن تفسد فرحة الشعب المصري بافتتاح القناة الجديدة ولا بالرئيس عبد الفتاح السيسي.
وستكون الضربة القاصمة لظهور هؤلاء هي إجراء الانتخابات البرلمانية، لأن هذا الأمر سينهي تماما على أدوات وعملاء العدو في الداخل وفي الخارج، والذين يرددون في وسائل الإعلام المختلفة أن النظام المصري لا يريد إجراء انتخابات برلمانية كيلا يأتي برلمان يحد من سلطاته، مستخدمين في ذلك وسائل إعلام مشبوهة دينها وديدنها الكذب، وخيانة شرف المهنة.. فتحديد موعد إجراء الانتخابات البرلمانية في أكتوبر ونوفمبر المقبلين، بعد افتتاح القناة سيكون ضربة تجهز تماما على الجماعات الإرهابية لأنه سيكون هناك مجلس نواب يشرع ويوافق على الاتفاقات الاقتصادية والسياسية، وسيكون نقلة تشريعية واقتصادية وسياسية، بعد أن يكون الرصاصة الأخيرة في رأس كل من يدعى أن مصر غير مستقرة سياسية، أو غير آمنة تشريعيا.
وبالرغم من تحذيرنا من محاولات القيام بضربات لإفساد فرحة المصريين سواء بافتتاح القناة الجديدة، أو إجراء الانتخابات البرلمانية إلا أنني واثق أن مصر قادرة على العبور بإرادتها الوطنية الحرة وحسها الشعبي، تحت حماية أجنادها من رجال القوات المسلحة والشرطة الذين هم خير أجناد الأرض، والذين يقومون بتأمين هذه الأحداث التي لا تتكرر كثيرا، وكلي يقين أن الشعب المصري سيقوم بدعم قيادته السياسية وإخوانه من رجال القوات المسلحة والشرطة، ببساطة لأنه هو الشعب الذي خرج في كل ميادين الحرية المصرية هاتفا "يسقط يسقط حكم المرشد".
.......................................
الخارجية المصرية تراقب تحركات البعبع الإيراني الجديد
لا شك أن تحركات سامح شكري الأخيرة، للسعودية والإمارات والكويت كانت ضربة استباقية للخارجية المصرية لوضع خارطة عربية للتعامل مع إيران "البعبع الإيراني الجديد" بعد الصفقة النووية التي تمت بين الأمريكان والإيرانيين، على حساب المنطقة العربية والشرق الأوسط الجديد، على الطريقة الأمريكية الإيرانية.
فمصر من خلال رؤية ودبلوماسية سامح شكرى الذي لم يعتمد على رد الفعل ولكن على الفعل المصري والتحرك الاستباقى المصري لوضع خارطة طريق لمواجهة التوسع في النفوذ الإيراني أو الشهوة الفارسية الجديدة في محاولة ضرب نفوذها من خلال أدواتها على العالم العربي بشرط عدم المساس أو الاقتراب من إسرائيل فإسرائيل وإيران أصبحا في خندق واحد لمحاولة إشعال العالم العربي وإسقاطه في الحروب الطائفية والأهلية واستخدام ورقة الميليشيات الإرهابية مثل داعش والحوثيين في العراق وسوريا واليمن وليبيا.. وكشف سامح شكرى في لقائه الأخير مع رؤساء تحرير الصحف المصرية أن عودة العلاقات المصرية الإيرانية لن تكون على حساب علاقات مصر العربية بعد الاتفاق على كثير من نقاط الخلاف والاختلاف مع إيران وأن الاتفاق الأمريكي الأوروبي 5+1 مع طهران لن يغير في موقف مصر الثابت إزاء الملف النووي لأننا نتابع ونراقب كل التحركات بعد الاتفاق الأمريكي الإيراني، والمتغيرات على الساحة العربية والإقليمية، ونحن نتحرك بمنتهى القوة والثبات وعدم تغيير المواقف.
ولا شك أن إيران تحاول أن ترسل رسائل طمأنينة بعد هذا الاتفاق لكثير من العواصم العربية وخاصة أن موقفها من 30 يونيو والإخوان كان معتدلا وكانت هناك رسائل للإدارة المصرية أنها لا تقف ضد إرادة الشعب المصري .
كل هذه المعطيات نجح شكري في التعامل معها باحترافية ومهنية عالية بعيدا عن الأضواء أو التصريحات العنترية، وكانت زيارته الأخيرة للسعودية والتقائه خادم الحرمين وولي العهد ووزير الخارجية، وهو ما تكرر في الإمارات والكويت مما يعطي دلالة خطيرة أن مصر تعود بقوة وبموضوعية لأن تكون لاعبا إقليميا رئيسيا في الملفات والمتحدث الرسمي الأول للعرب في كل المحافل الدولية، في ظل عودة قوية للخارجية المصرية بوجود الوزير الكفء والنشط سامح شكري الذي يتحرك في كل الملفات على المستوى العربي والإفريقي والدولى بنفس الكفاءة ونفس الفاعلية.
...............
قراءة في حركة الشرطة الأخيرة
لا شك أن اللواء مجدى عبدالغفار فاجأ جهاز الشرطة بأكبر حركة تفكيكية وخلق كوادر شرطية جديدة تتحمل المسئولية في ظل معطيات صعبة ومواجهة ليل نهار مع الإرهاب والإرهابيين بكل تكتيكاتهم الجديدة وتمويلهم واستخدامهم لأحدث التقنيات في محاولة إرهاب الشرطة والشعب.
ولا شك أن اللواء مجدى عبدالغفار بمعاونة اللواء كمال الدالي، الذي يعمل في صمت بعيدا عن الإعلان والإعلام ومن خلال خبرته على مدار 30 سنة حتى وصل لمنصب مدير مصلحة الأمن العام، وضع كل الحقائق والكفاءات والكوادر الجديدة على مائدة وزير الداخلية لاتخاذ القرار، فأفرزت الحركة لأول مرة عناصر أمنية واعدة تتبوؤ المواقع القيادية في المناطق الساخنة والملتهبة سواء في سيناء أو السويس أو القاهرة أو الإسكندرية أو المنوفية واستطاع أن يخلق كوادر شرطية جديدة تتحمل المسئولية في أصعب فترة يمر بها جهاز الشرطة بعد أن نجح الإخوان في وجود اللواء محمود وجدى ومنصور العيسوى في عمل مذبحة لأكفأ العناصر بكافة الرتب وخاصة في جهاز أمن الدولة والمباحث الجنائية وفقدت مصر خيرة أبنائها من الضباط والقيادت في زمن الإخوان ولكن نجحت الداخلية بعد فترة وجيزة في اجتياز هذا الموقف ورأينا أسماء وشخصيات شرطية جديدة تعاون اللواء مجدى عبدالغفار للمرور بالوطن بأصعب فترة في تاريخه.