جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: توريط الرئيس

الكاتب الصحفى أسامة شرشر
-

المشهد السياسي يدعو للرثاء والسخرية، فالحكومة تعمل على البقاء أطول فترة ممكنة والأحزاب لا يهمها لا من قريب ولا من بعيد مصلحة البلاد والعباد، ولكن كل ما يعنيها هي مصالحها السياسية الضيقة، والحصول على كرسي في البرلمان، والمتاجرة بالولاء وهم أبعد ما يكونوا عن الولاء للوطن وكأن هناك اتفاقية ضمنية بين الحكومة والأحزاب والقوى السياسية من خلال حوارت لا تجدي شيئا لأنها تفتقد لأبسط الأشياء وهو أن يكون هناك نية صادقة لخروج من المأزق البرلماني والسياسي الذي تمر به مصر الآن.
وما جري ويجري وسيجري من جلسات حوار واستماع بخصوص مجلس الشعب من أناس لا يعبرون عن صوت الشعب، وهم الذين اختطفوا الثورتين في المرحلتين، لن يجدى، فلذلك تجد أن هناك اتفاقية شرف لصوص البرلمان بين الحكومة التي تمد من العملية الانتخابية حتى تضمن بقائها أطول فترة ممكنة والأحزاب التي لا يعرفها أحد، والتي تصرخ وتصيح لانها تفتقد إلى الشعبية، وإلى الكوادر ولكنها تملك الصراغ والعويل والبكاء على برلمان الوطن.
وهؤلاء اتفقوا على شئ واحد هو توريط الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يعمل ليل نهار للقفز بمصر في كل الاتجاهات ولكن الحكومة تعوقه، والأحزاب تتاجر بمواقفه، وهو يسبح بمفرده ضد التيار، فهو يواجه الإرهاب، والإخوان وأردوغان والأمريكان، وفي كل لحظة بل في كل دقيقة تجد قنابل الإرهاب تضرب الأبراج والانفاق والأقسام، وأهم من ذلك كله الإنسان.. فنحن نواجه حربا بالمعني الحرفي في سيناء وفي محافظات مصر، فبدلا من أن يكون هناك إنكار للذات والوقوف خلف الرئيس والتجرد من المآرب الشخصية، والقوائم الحزبية، والاتجار بالأقليات والمرأة والشباب والمسيحيين، يجب على الجميع أن يعى ويفهم أن مصر تمر بلحظة فارقة، في تاريخها ، فإما أن نغرق وإما أن ننجو لنكون قوة دفع لتنمية حقيقة تدفع بالكفاءات والعقول المستنيرة إلى الصفوف الأمامية بدلا من صعود حملة المباخر ومافيا الحزب الوطني السابق، ونفايات الإخوان، وكأننا ندور في دائرة مغلقة.
فنحن كلنا متهمون بأن مصالحنا الشخصية هي السبب الحقيقي في توريط الرئيس وحرق الوطن، بدلا من وضع خارطة للاتحاد والانصهار وإنكار الذات، للعبور بالانتخابات البرلمانية القادمة التي ينتظرها العالم بأسره، لأنها نكون او لا نكون, فالمناخ العام والبيروقراطية ووجود الخلايا النائمة للإخوان بأروقة الوزارات والمصالح يجب فورا أن ينتهى، وأن نتخلص من هؤلاء فإما أن تكون هناك دولة أو لا تكون.
فما حدث في حرق وضرب الأبراج الكهربائية لمدينة الإنتاج الإعلامي هي فضيحة بكل المقاييس على المستوى الامني والدولي فأين المعلومة الأمنية والمتابعة.. اللهم إلا إذا كان هناك من داخل تأمين هذه الأبراج من ينتمون للجماعات الإرهابية وداعش وميليشيات الإخوان والسلفيين التي تحاول أن تصدر المشهد المصري أمام العالم بأن البلد تمر بحالة فوضى، وعدم استقرار وارتباك.
ويجب تغيير الخطط الأمنية والاعتماد على مصادر متتوعة للمعلومة ويجب الخلاص من كل الخلايا النائمة في الأماكن الحساسة والوزرات، ناهيك عن توعية المواطن المصري، وتعبئته بأننا نعيش في حالة حرب حقيقية أمام إخوان الداخل والأدوات الامريكية في الخارج.
فلا بد أن نعترف أن الأمة في خطر وأن حروب الجيل الرابع التي تحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي في أول لقاء مع رؤساء تحرير الصحف، تستخدم الأدوات الداخلية لإسقاط الدولة وتفكيكها ونشر الفتن الطائفية والحروب الأهلية، وها هو الموقف يتكرر ونحن كمصريين وعرب نحتاج إلى عاصفة الصدق التي تهز أركان الوطن من خلال نشر منظومة جديدة للأفكار والابتكار للذود عن الوطن، والمواطن، ولكننا مازلنا نعمل ليل نهار في توريط رئيس الجمهورية من خلال الشعارات ومن خلال الصراخ ووقف عجلة التنمية ومن خلال جر البلاد للهاوية ومن خلال عدم الاتفاق على موعد الانتخابات البرلمانية، وهذه مهزلة بكل المقاييس فمصر التي صنعت كثير من دساتير الدول العربية والإسلامية غير قادرة على تحديد موعد الانتخابات لاننا وقعنا أمام فخ الأحزاب السياسية والعناصر والنماذج والشخصيات التي أكلت على كل الموائد السياسية في كل العصور.
فأمام ارتباك المشهد والقاسم المشترك فيه الاحزاب والقوى السياسية والحكومة، نجد أن هناك لطمة سياسية أخرى تجئ وتحدث زلزالا سياسيا وتمسح ثورتين، قام بهما الشعب المصري، وهو الظهور المفاجئ والمرتب لجمال وعلاء مبارك في سرادق عزاء بميدان التحرير، ميدان الثورة ، وفي مسجد عمر مكرم، الذي كان مسرحا ومكانا للخطط ومواجهة المؤامرات، وشحن النفوس والوجدان لمقاومة الدولة القمعية في ذلك الوقت.
فظهور علاء وجمال مبارك في هذا التوقيت في ميدان التحرير، هو رسالة للجميع أنهما قادمان للشراكة السياسية، لان حضورهما، يعطي دلالة خطيرة أن هناك قبول شعبي، وظهور أحمد عز وخوضه الانتخابات منذ شهور ، ثم حضور جمال وعلاء مبارك واجب العزاء في ميدان التحرير.. كل هذه السيناريوهات لم تجئ من فراغ ولكن مرتب ومخطط لها، وفيها محاولات لتوريط الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإشعال الشعب وإثارة الفتن، بأن مؤسسة الرئاسة تحمي هذا أو ذاك، وهذا عكس الحقيقة.
ولكن حروب الجيل الرابع قد بدأت، وهي تعتمد على الشائعات والاتهامات واستخدام السوشيال ميديا والفيس بوك لتشويه الرموز الوطنية، كل هذا يجري ونحن صامتون.
فمحاولات توريط الرئيس مازالت مستمرة.. والسؤال أين دولة القانون ودولة المؤسسات.. وشكر الله سعيكم.