جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب : محاكمة مبارك

-
عجيب أمر بعض الناس الذين يطالبون بعدم محاكمته لكبر سنه ولأنه كما يدعون للأسف الشديد رمز مصر ولو فكر هؤلاء المدعون الذين تحكمهم العاطفة المريضة والعقل المغيب فى إدارة مبارك على مدار ثلاثين عاما ما طلبوا ذلك لعدة أسباب أولها لم يحدث فى تاريخ مصر منذ الفراعنة مرورا بالمماليك والعثمانيين أن فعل حاكم بشعبه ما فعله مبارك فى الشعب المصرى على مدار فترة حكمه عقود فالرجل كان رأس الفساد والإفساد فباع الأرض والوطن والكرامة ومصر أمام مليارات الدولارات وكان هو الملك المتوج هو وأسرته وحاشيته وكان الشعب هم العبيد الذين ذاقوا كل أصناف القهر والعذاب والبحث عن رغيف العيش إضافة إلى إقصاء كل الشرفاء من الحياة السياسية وأصبحوا نكرة فى عهد وزمن مباركالتاريخ لن يرحم هذا الحاكم الظالم المستبد لأنه تحول إلى فرعون مصر الجديد يأمر فيطاع ولا يستمع إلا لصوته وضرب بكل العقلاء والوطنيين عرض الحائط وتهكم على آرائهم وإخلاصهم لصالح البلد فلم يتخيل مبارك فى الحلم أن يحدث ذلك ولم يتوقع هذا السيناريو الربانى الذى انفتحت السماوات لدعوات المظلومين والمقهورين والمعذبين فى سجون مبارك فكانت مشيئة الرب وكانت لحظة الخلاص الإلهى الذى بارك ثورة الشباب والشعب الذى صبر طويلا وكأنه أيوب العصر الجديد حتى جاءت لحظة المخاض ليولد شعب جديد أراد أن يتطهر ويطهر مصر من ذنوب مبارك وأسرته ورجاله الذين سيدخلون مزبلة التاريخ فكان عظمة الرب أن القصاص من مبارك كان فى الدنيا أمام العالم كله أما القصاص فى الآخرة فهو فى علم الغيب والتساؤل لماذا كانت إرادة الله تفضح مبارك قبل تخليه عن السلطة فى شهر مايو المقبل كما يدعى وأنه لن يرشح نفسه؟ الإجابة بمنتهى البساطة أن هذا الرجل الذى حكم هذا البلد الآمن مصر التى ذكرت فى القرآن خمس مرات لايستحق أن يكون رمزا أو حاكما عليها لأنه عاث فى الأرض والبحر والجو فسادا وإفسادا حتى الهواء الربانى أصبح فاسدا فوجبت محاكمته ليكون عظة وعبرة لأى حاكم تسول له نفسه أن يحتضر ويحتكر شعبه وأرضه ووطنه ويكون ذليلا وضعيفا وخانعا وخائفا أمام الأمريكان والصهاينة فالبيت الأبيض والكنيست الإسرائيلى فى عهد مبارك كان يحكم ويدير مصر والسبب هو وريثه وابنه جمال الذى باع مليون مواطن فى مقابل رضاء الأمريكان وإسرائيل ولكى يحكم جمال عرش مصر فكانت الصرخة الأبية من أبناء الشعب المصرى التى هزت عرش السماء واستجاب الرب لها فكان السقوط لمبارك ورجاله فى دقائق معدودات ليحاكم محاكمة طبيعية أمام القضاء المصرى النزيه وليس القضاء الاستثنائى كما كان يفعل لأنه أفسد وقتل ودمر شعب مصر فكانت المساءلة والمحاكمة هى بوابة التطهير لأرض مصر وشعبها ليحصل هذا الشعب على جائزة نوبل للتحضر فى احترامه للقانون فى محاكمة هذا الحاكم المستبدورسالتى للذين يقولون لا تحاكموا مبارك الرمز ولكبر سنه فهل رحم الأطفال والشيوخ والنساء؟ فحادث العبارة أحد الأمثلة الصارخة على أن المصريين لاقيمة لهم والشهداء والقتلى الذين سقطوا فى السويس والإسكندرية وميدان التحرير من يدفع ثمن شهادتهم؟وهنا أتذكر مقالة كتبتها منذ عامين ارجع إلينا يا عمر ويحضرنى الفاروق عمر بن الخطاب الحاكم العادل الذى خاف الله وخاف دعوات رعيته وشعبه فقصة العهدة العمرية يشيب لها الوجدان ويتوقف العقل أمام هذا المشهد الذى أذهل أعداء عمر فعمر بن الخطاب ترجم الديمقراطية بينه وبين خادمه فخرج الخليفة عمر بن الخطاب وخادمه وأخذ ناقة واحدة فى رحلته الطويلة من المدينة المنورة إلى القدسفذهل البطاركة عندما وجدوا أن الخادم يركب الناقة وعمر الحاكم والخليفة يمسك بزمام الناقة وسط الأمطار والوحل فلم يصدقوا عندما شاهدوا هذا المنظر فقالوا إن كتبهم تذكر منذ عهد المسيح أن هناك خليفة للمسلمين اسمه مكون من ثلاثة أحرف سوف يتسلم مفاتيح مدينة القدس ويكون ماشيا على قدمه فتأكدوا من صدق الدين الإسلامى ولم يفكروا فى أى مفاوضات وتسلم عمر بن الخطاب مفاتيح القدس لأنهم اقتنعوا بمساواة الإسلام وديمقراطيته هكذا يكون الحاكم العادلهذه الواقعة للإمام والحاكم العادل عمر بن الخطاب أهديها للذين يطالبون بعدم محاكمة مبارك مع الفارق فى التشبيه والقياس بين إمام وحاكم عادل يخشى الله وشعبه، وحاكم فاجر لايخشى الله ويقتل شعبه وعجبى