انتبهوا صناعة البتروكيماويات هى قاطرة الاستثمار

رغم أن صناعات البتروكيماويات تعد من أهم الصناعات التي يرتكز عليها الاقتصاد المصرى، فإن هذه الصناعة تفتقد عدم وجود خريطة محددة لها في مصر، على عكس الكثير من البلدان العربية، إذ إن شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات " سابك" حققت خلال العام الماضي أرباحاً صافية بلغت قيمتها 186 مليون دولار، الأمر الذي لم تستطع تلك الصناعة تحقيقه في مصر، على الرغم من توافر جميع المقومات اللازمة لهذه الصناعة في مصر، كتوافر المادة الخام للقيام بهذه الصناعة وتوافر البنية التحتية اللازمة لها، بجانب وجود الدعم الحكومي لها، وتوافر الاستثمارات لهذه الصناعة وتوافر الخبرات الفنية لها. حاولت " النهار" التعرف على آراء بعض الخبراء والاقتصاديين حول خريطة صناعة البتروكيماويات في مصر؟، وما السبل التي لابد من اتباعها في البلاد لدعم هذه الصناعة.
أكد الدكتور إبراهيم زهران، الخبير البترولي ورئيس شركة خالدة للبترول، أن صناعة البتروكيماويات تعد إحدى ركائز دعم الاقتصاد المصرى، خاصة انها تدخل في صناعات عديدة من شأنها دعم التنمية الاقتصادية، هذا بجانب أن حجم هذه الصناعة يكفي لسد الاحتياجات المحلية، كما أن مصر تقوم بتصدير الباقى، الأمر الذي يدر لمصر عملات أجنبية، مشيراً إلى أن السعودية وإن كانت تحتل المركز الأول في هذه الصناعة، إلا ان هذا الأمر لا يمنع أن تحتل مصر مركزا مرموقاً ومتقدماً أيضاً في هذه الصناعة، إلا أن كل ما يعيق نمو هذه الصناعة بشكل جيد هو عدم وجود أى خريطة لدعمها.
واضاف زهران أن حكومة المهندس إبراهيم محلب أعلنت صراحة عن طرحها لخطة لمضاعفة إنتاج البتروكيماويات بحلول العام المقبل، الأمر الذي يعد بمثابة عجلة دفع لهذه الصناعة لتحقق مليارات الجنيهات كمثيلاتها من الدول العربية، وذكر أنه الأمر يتطلب تشغيل جميع المصانع المتوقفة، خاصة في ظل توافر الغاز الطبيعي اللازم لتشغيل أي مشروع بتروكيماوي.
وأوضح أنه إذا كانت السعودية تعد من أكبر البلدان العربية المنافسة لمصر في صناعة البتروكيماويات، إلا أنها تفتقد عدداً من المزايا التي تتمتع بها هذه الصناعة في مصر، ولعل أبرزها توافر الأيدي العاملة المدربة وانخفاض تكلفة التمويل وغيرها من المستلزمات التي من شأنها أن تزيد من حجم الاستثمارات في هذه الصناعة، لذا ينبغي على الحكومة أن تولي اهتماماً أكبر لهذه الصناعة، لأن الاهتمام بها سيجني لخزانة الدولة مليارات الجنيهات.
في حين يري المهندس خالد أبو المكارم، وكيل المجلس التصديري للبتروكيماويات، أن مصر تدخل في منافسة صعبة للغاية مع السعودية وعدد من البلدان التي تطل على البحر الأحمر فيما يخص صناعة البتروكيماويات، خاصة أن السعودية لديها كميات وفيرة من الغاز الطبيعي اللازم لتشغيل مشروعات البتروكيماويات، الأمر الذى تعاني مصر من توفيره، خاصة في ظل الاستهلاك الكثيف للطاقة في مصر، مشيراً إلى أن هذا ساعد السعودية في تنفيذ الكثير من مشروعات البتروكيماويات مقارنة بمصر.
وأضاف: أنه تم تنفيذ عدد من المشروعات التي خدمت بشكل جيد قطاع البتروكيماويات في مصر، خلال الفترة الأخيرة كمشروع مجمع التحرير للبتروكيماويات بالعين السخنة، إذ إن تنفيذ هذه المشاريع في الفترة الأخيرة ساهم بشكل مبدئي في استعادة ثقة المستثمرين الأجانب مرة أخرى فى الاقتصاد المصرى، مشيراً إلى أن اتجاه الحكومة لتنفيذ عدد من المشروعات في صناعة البتروكيماويات يعكس اهتمام الحكومة بهذا القطاع، خاصة أنها باتت على يقين بأن هذا القطاع يعد أحد أهم الاقتصاديات الواعدة فى مصر وواجهة استثمارية مهمة على المستويين الإقليمى والعالمى.
ونوه بأن إنشاء الشركة القابضة للبتروكيماويات في مصر ساهم في زيادة إنتاجية قطاع البتروكيماويات، لا سيما أنه تم إنشاء عدد من مجمعات البتروكيماويات خلال الفترة الأخيرة، هذا بجانب أنه من المخطط أن يتم إنشاء نحو 14 مجمعاً للبتروكيماويات لتنفيذ 24 مشروعاً خلال السنوات المقبلة، فكل هذه الأمور ستلعب دوراً حيوياً في أن تحتل مصر مكانة مرموقة في قطاع البتروكيماويات مقارنة بالدول الأخرى.
وطالب وزير البترول بضرورة البحث جدياً في تشغيل المشروعات المتوقفة، ولعل أبرز هذه المشروعات مشروع شركة أجريوم الكندية، خاصة أن هذا الأمر سيساهم في جذب المزيد من الاستثمارات بقطاع البتروكيماويات، خاصة في ظل توافر الأيدي العاملة المدربة في هذا الشأن، والتي لم يجد المستثمر أى صعوبة في توفيرها على عكس السعودية التي تضطر إلى أستيراد العمالة من الخارج لعدم توافرها لديها، هذا بجانب توافر الخامات اللازمة لهذه الصناعة.
بينما أكد المهندس أسامة كمال، وزير البترول السابق، أن صناعة البتروكيماويات تعد من أبرز القطاعات التي تحقق تنمية اقتصادية، إلا ان هذه الصناعة لا تدار بشكل جيد في مصر، خاصة أن هذه الصناعة تعد أحد أساسيات صناعة الطاقة في مصر، إلا أنه للأسف صناعة الطاقة في مصر لا تدار بطريقة صحيحة.
وأضاف: في تصريحات خاصة لـ" النهار"، أن مصر يوجد بها إهدار للبتروكيماويات، خاصة في ظل تصدير الخامات اللازمة لهذه الصناعة سواء من غاز وبترول أو ثروات معدنية، الأمر الذي بات إحدى ابرز العقبات التي تقف عائقاً أمام نمو هذه الصناعة، خاصة انه كي يحقق قطاع البتروكيماويات أرباحاً جيدة لابد من توفير جميع الموارد اللازمة له، وهذا الأمر بات غير متوافر لمصر، خاصة أنها تصدر جميع الموارد اللازمة لهذه الصناعة لعدد من الدول، لعل أبرزها ماليزيا وسنغافورة وكوريا واليابان وغيرها ، الأمر الذي حقق نموا لهذه الصناعات في هذه البلدان، في حين لم تحقق مصر المرجو منها في هذه الصناعة، هذا بجانب أن هناك هادراً للطاقة في مصر بوجه عام يصل لـ15 و20% نتيجة التهريب والتسريب، لذا لابد من إعادة هيكلة منظومة الطاقة من جديد.
وأوضح أن قطاع البتروكيماويات في مصر بدون خريطة واضحة ، مطالباً الحكومة بضرورة الاهتمام بصناعة البتروكيماويات، خاصة أنها إحدى ركائز التنمية الاقتصادية، لا سيما في ظل وجود العديد من الدراسات التي من شأنها دعم صناعة البتروكيماويات، مشيراً إلى أن هناك نحو 3 ملايين طن منتجات بترولية يتم تصديرها مواد خام، ومن ثم نقوم باستيرادها بتكلفة عالية، وهذا الأمر يمثل عبئاً على عاتق الدولة، فمثلاً صناعة الهاتف المحمول، لماذا نستورده ونحن بإمكاننا تصنيعه في الداخل؟ مشيراً إلى أنه لابد من دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في هذا القطاع بالتعاون مع وزارة الصناعة والاستثمار ورجال الأعمال، إلا أن كل هذا يحتاج لآلية التنفيذ.

