جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

اسامة شرشر يكتب : هيكل والسيسى والإخوان!

-

مصر تعيش الآن حالة من السيولة والإسهال التحليلى داخل الصالونات الإعلامية التى تزايدت فى هذه المرحلة الحرجة التى يمر بها البلد وأصبحنا نجد المنظرين والمحللين والمراقبين الاستراتيجيين كأنها فوضى إعلامية مستهدفة لإعاقة خارطة الوطن والمواطن المصرى ، ولكن ما لفت نظرى واسترعى انتباهى هو الزخم الإعلامى والصحفى  لكاتب كبير فى حجم هيكل لا يزايد أحد على أستاذيته ووطنيته وعشقه لتراب هذا الوطن ، فبعد أن استأذن فى الانصراف عاد إلينا محملا برسالات وأفكار ورؤية ووجهة نظر نعتقد أنها تدعو إلى التشاؤم والانكسار والضبابية فى تحليله لما تمر به مصر من أزمات وإرهاب وترهيب ، من التنظيم الدولى للإخوان المسلمين الذى فقد عقله ورشده وادعاءاته أنه لا يستخدم العنف والقتل والدماء فى نشر دعوته ، ولكن الأحداث التى يعيشها الشارع المصرى تؤكد أن التفكير القطبى هو المسيطر على هذا التنظيم الأسود الذى يتخذ من الإرهاب والقتل ومحاولات تقسيم البلاد والعباد هدفا استراتيجيا لتحقيق المخطط الشيطانى الذى يدعمه الأمريكان والأوروبيون.

ونعود إلى صالون التحرير الذى نظر فيه هيكل ووصف مصر بالعربة الخربة التى لا يوجد بها أى أدوات تساعد على الحركة أو تحديد الاتجاه والطريق وكأن مصر أصبحت لا دولة ولا شعب ولا حدود عندما تختزل هذه الأمة فى عربة هيكل التى تدعو إلى التشاؤم وفرض المخططات والرؤى الخارجية علينا وهو علمنا ويعلمنا أن إرادة الأمم هى التى تحدد الأهداف وآمال الجماهير ، ثم يقودنا هيكل فى الاتجاه المعاكس عندما يقول إن عبد الفتاح السيسى ليس له ظهير سياسى وأنا لا أعلم أى ظهير يتحدث عنه الأستاذ؟!.. فهل مطلوب من السيسى الذى دعا الجماهير يوم 26 يوليو الماضى لتخرج لتدعمه فى مواجهة الإرهاب والإرهابيين ، فخروج عشرات الملايين تلبية لنداء السيسى ألا يعتبر ذلك ظهيرا شعبيا حقيقيا أفضل من الظهير السياسى الممثل فى الأحزاب والبرامج التى أثبتت بالتجربة العملية والواقعية أن ما يدور داخل غرفات التنظير فى هذه الملاجيء السياسية وهذه الحانات التى تعمل لحساب الآخرين الذين هم سكرى بأفكار الأمريكان والإخوان ولا يحددون مواقفهم وعلى أى اتجاه يسيرون؟.. هم سبب الفشل الحقيقى فيما وصلت إليه البلاد من هذا المستوى المتدنى ، فموكب المنافقين فى كل العصور الذين أكلوا على كل الموائد السياسية مازالوا يوجهون بوصلة خضوعهم وخنوعهم وتوجهاتهم من خلال مصالحهم إلى الخارج ، ويتاجرون بآلام وآمال المواطن المصرى الذى وجد الخلاص الحقيقى فى المرشح الأكيد عبد الفتاح السيسى الذى قال تعبيرا لابد أن يقرأه أستاذنا هيكل بعناية" أن قدر الشعب المصرى أنه لم يجد حاكما أو أحدا يحنو إليه ويشعر بما يدور فى داخله"  لأن طموح المواطن المصرى محدود جدا فهو يبحث عن حريته وكرامته ولقمة عيشه والأمان المفقود منذ سنوات طويلة.

والقضية الأخطر التى طرحها علينا الأستاذ هيكل وهو ينظر عندما يتكلم إلى المفكر الاستراتيجى مصطفى حجازى الذى خرج علينا بفتوى مفوضية الشباب والتساؤل: أين باقى المفوضيات للأطفال والأرامل والرجال؟! وكأننا نعيش زمن المفوضيات «زمن حجازي» وكأن المفكر الاستراتيجى والسياسى و«المفوضاتي» مصطفى حجازى الذى هبط علينا من المجهول السياسى ليصبح رقما فى مؤسسة الرئاسة لا نعرف حتى الآن إلى أى فريق ينتمي.. هل مع الأمريكان.. أم البرادعي.. أم الإخوان.. أم مع مصطفى حجازى الذى يصنع لنفسه خارطة جديدة لأنه كان فى يوم ما من المشتاقين الذين بذلوا الغالى والنفيس لدخول لجنة سياسات جمال مبارك.. فما أشبه أمس باليوم ...الكل يغنى على الكل والكل يتاجر بالمواقف والمباديء والشباب الذى كشف اللعبة التى لم يقتنع بها أحد من الشباب الذين دعاهم حجازى لعمل مفوضية حجازى أم مفوضية الشباب التى أصبحت لعبة مكشوفة لضرب الرئيس القادم إلى كرسى الرئاسة فى مصر المحروسة وليست مصر الأهل والعشيرة .

وعودة إلى أستاذنا هيكل عندما طرح تشكيل لجنة عليا لمساعدة رئيس الجمهورية القادم أو كما اقترح فى عهد مبارك " مجلس رئاسى " يدير البلاد والعباد...والتساؤل هو: لماذا الإصرار على تقييد الرئيس القادم بمجالس استشارية تكون قيدا عليه وعلى الشعب فى تنفيذ آرائه وأفكاره الجديدة وتعرقل قراراته .

والمصيبة أن الكل أصبح يدعى أنه عالم ببواطن الأمور وما يحاط بمصر على المستوى العربى والإقليمى والعالمى فصراعات الأمم لتثبت بقاءها ووجودها وتفاعلها مع الداخل والخارج تكون الإرادة الشعبية هى القاسم المشترك لتحديد بوصلة استقلال القرار الوطنى الذى دفعنا بسببه ثمنا باهظا فى التبعية والخضوع للأمريكان أو ما باء به مرسى والإخوان أو المنتسبون إليها وهم كثر.. وستكشف الأيام والتحقيقات بحقائق ستكون وبالا على هؤلاء الذين يرسمون خارطة تعجيز مصر وعبد الفتاح السيسى لأنهم وجدوا أن الخلاص من الأمريكان والإخوان وتوابعهما هو أن يصبح عبد الفتاح السيسى هو الرئيس القادم لمصر الجديدة بعد أن أعلن صراحة أنه لن يستعين بأحد من الحرس القديم أو الجديد لأنه يعرف تضاريس الشعب المصرى الذى يريد حكومة حقيقية ووجوها وأسماء ورموزا شريفة ووطنية تعمل لصالح المواطن والوطن ولا تعمل لصالح الأمريكان.

فمصر مليئة بالعربات والأفكار التى تعرف كيف تسير ومن أين تبدأ وتنطلق لسبب بسيط لأنها العربات التى يقودها الشعب المصرى بعد اختياره قائدا لسيارة الوطن الذى سيسير بها إلى طريق الأمان والأمن المفقود منذ زمن بعيد وسيقوم باقتحام الملفات الساخنة بدءا بملف مياه النيل ومرورا بالملف الاقتصادى ونهاية بالملف السياسى ليعيد لهذه الأمة وجودها وحضورها فى المحافل الدولية ليس بالتنظيرات أو الصالونات أو التصريحات أو الفضائيات ولكن بالعمل الحقيقى وتحقيق إرادة الشعب فى الحريات ولقمة العيش وفرصة عمل حقيقية وعدالة اجتماعية ناجزة ، فأعتقد أن مصر مقبلة بعد أن ينتهى الماراثون الانتخابى الرئاسى إلى مرحلة انطلاق فى كل الاتجاهات والملفات لأن الطريق ليس سهلا ولكن به مطبات كثيرة سينجح السيسى ورجاله الجدد فى العبور بمصرنا إلى طريق البداية الحقيقية وهو عودة مصر بقرارها إلى شعبها الذى حير العالم وما زال يحيره.. ويحضرنى الآن أن كل التحليلات والتنظيرات كانت تقول إن مصر وشعبها ورجال القوات المسلحة لن يعبروا أبدا خط بارليف لأنه من المستحيلات السبع ...ولكن إرادة الله أولا والشعب المصرى وقواته المسلحة كانت مفاجأة مذهلة للأصدقاء قبل الأعداء، فمصر الآن بها أكثر من مليون بارليف ولكن ستسقط هذه الأكمنة وهؤلاء الدعاة الجدد الذين يريدون أن يوقفوا حركة العربة والشعب والوطن.. ونستأذنكم فى الانصراف.. وأقول للأستاذ: لقد وهبنا الله السيسى وأنت تريد أن تفرض علينا حجازي.

ولا عزاء للرجال!